للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل قول الشاعر أخذَ نصيبه من غنائم الحرب فلم يرض به:

وقد كنتُ في الحروبِ ذا تُدْرَإِ١ ... فلمْ أعْطَ شيئًا ولم أُمْنَعِ

والتقدير: فلم أعطَ شيئًا نافعًا؛ بدليل قوله: ولم أمْنع، وبدليل الأمر التاريخيّ المعروف، وهو أنه أخذ –فِعْلًا- نصيبًا، وبكنه لم يقنع به.

ومثل قول الشاعر يصف فتاة بالجمال:

وربُّ أَسيلةِ٢ الخدَّيْنِ بِكْرٍ ... مهَفْهفة٣، لها فرعٌ، وجيدُ

المراد: لها فرع فاحم٤، وجيد طويل، والقرينة: أن مدح الفتاة بالجمال لا يكون بأمر عامّ يشاركها في مثله آلاف من نظيراتها، فليس من المدح وصفها بمجرد فرع لها، وجيد، فهذان أمران ملازمان كل فتاة، وإنما يكون المدح بأوصاف وبمزايا خاصة تتحقق في كل منهما؛ كشدة سواد الشعر، أو نعومته، أو طوله....، أو.... وكطول الجيد باعتدال، أو استدارته، وعدم غلظه كذلك٥....

ب- حذف المنعوت٦:

يجب حذف المنعوت في كل موضع اشتهر فيه النعت اشتهارًا يغنى عن المنعوت غَناءً تامًّا؛ بحيث لا يتجه الذهن إليه؛ نحو: جاء الفارس. والأصل: جاء الرجل الفارس؛ أي: راكب الفرس. ومثل: جاء الصاحب، أي: الرجل الصاحب؟ فلا يدور فيهما وفي أشباههما أن يقال: جاء الرجل الفارس، ولا جاء الرجل الصاحب، والنعت في الحالة السابقة لا يسمَّى نعتًا، وإنما يحل محل المحذوف في إعرابه فاعلًا، أو غيرهما ... مما كان علية المحذوف قبل حذفه.


١ قوة، وعدة حربية.
٢ مصقولة ناعمة ...
٣ رشيقة، ضامرة البطن، دقيقة الخصر.
٤ أي: شديد السواد، كلون الفحم.
٥ ومن أمثلة حذف النعت قوله عليه السلام: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد". أي: لا صلاة كلمة وقول بعض العرب عن عمر: "كان والله رجلًا ... " يريد: رجلًا عظيمًا.... وعن علي: "سمعته يخطب فكان الخطيب...." يريد: الخطيب البارع ... أو ما شاكل هذا.
٦ أشرنا في ص٤٧٣ إلى حذف المنعوت، وقلنا إن بسط الكلام عليه هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>