للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألفاظ التوكيد الملحقة١ بالثلاثة:

هناك ألفاظ ملحقة بالثلاثة السالفة الدالة على الإحاطة والشمول، وهذه الملحقة هي: أجمع، جمعاء، أجمعون، جُمع.

وإنما سميت ملحقة لأن الكثير الفصيح في استعمالها أن تقع مسبوقة بلفظة: "كلّ" التي للتوكيد أيضًا، ومطابقة لها، ومقوّية لمعناها٢؛ وذلك بأن تقع: "أجمع" بعد: "كُلَ"، و"جمعاء" بعد: "كلها"، و"أجمعون" بعد: "كلهم"، و"جُمع" بعد: "كلهن"، مثل: حصدت الحقل كلَّه أجمعْ، سافرت الأسرةُ كلها جمعاءُ، أقبل الضيوف كلهم أجمعون، أقبلت الفتياتُ كلُّهن جُمَعُ٣ ...

ومن الجائز –مع قلته٤ وفصاحته– أن تستقل كل واحدة من هذه الألفاظ الملحقة، فنقع توكيدًا غير مسبوقة بكلمة: "كل" التي أوضحناها. نحو: استوعبت النصحَ أجمعَ، استظهرت القصيدةَ جمعاءَ، صافحت الزائرين أجمعين٥، أكرمت الزائرات جُمَعَ.

ولا تدل كلمة: "أجمعين" وأخواتها على اتحاد الوقت عند وقوع


١ وهي التي أشير لها في ص٥٠٣ والثلاثة السالفة موضحة في ص٥٠٩.
٢ وقد تزيل عنها احتمال عدم الشمول الكامل، لأن لفظة: "كل" قد يراد منها: "الكل المجموعي" وليس "الكل الجميعي" على الوجه السابق لهما، في رقم ٦ من هامش ص٥١٢.
٣ وفيما سبق يقول ابن مالك:
وبَعْدَ كُلِّ أَكَّدُوا بِأَجْمَعا ... جَمُعَاءَ. أَجْمَعِينَ، ثُمَّ جُمَعَا
أي: بعد لفظة: "كل" التي للتوكيد استعمل العرب الألفاظ التي تجيء بعدها لتقوية التوكيد بها، وسرد تلك الألفاظ. علمًا بأن كل واحد منها يستعمل مع مؤكَّد "متبوع" يخالف ما يستعمل مع الآخر ...
٤ قلة نسبية، وليست قلة ذاتية تمنع القياس، فهي قلة بالنسبة للصورة الأخرى التي لا لاستقلال فيها. "راجع رقم ٢ من هامس ص٧٩ حيث إيضاح القلة بنوعيها".
٥ من الجائز إعراب: "أجمعين" جالًا، ولكن المعنى يختلف عن إعرابها توكيدًا، فعلى إعرابها حالًا يكون المعنى "مجتمعين" أي: في حالة اجتماعهم، وعدم تفرقهم. وعلى إعرابها توكيدا يكون المعنى على الشمول والإحاطة، وأن الإكرام شملهم فردًا فردًا. فبين المعنيين فرق واضح، ومن الواجب عند الإعراب ملاحظة المعنى المراد دائمًا، لأن الإعراب لا بد أن يجازي المعنى المقصود.

<<  <  ج: ص:  >  >>