للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للغرض من توكيده توكيدًا معنويًا. وأجاز آخرون الحذف، بشرط أن يكون المؤكَّد "المتبوع" ضميرًا رابطًا في جملة الصلة، أو: الصفة، أو: الخبر؛ نحو: جاء الذي أكرمتُ نفسَه، أي: أكرمتُه نفسَه، جاء قوم أكرمتُ كلَّهم، أجمعين، أي: أكرمتهم كلهم أجمعين، الأسْرَةُ أكرمت١ كلَّها أجمعين، أي: أكرمتها كلها أجمعين، وحذفه –عند هؤلاء– في الصلة أكثر من الصفة، وفي الصفة أكثر من الخبر.

والأحسن الاقتصار على الرأي الذي يمنع الحذف جهد الاستطاعة؛ لأن حجتهم أقرب إلى العقل والسّماع، ورأيهم أبعد من اللبس والشك، ولم يستند الموافقون على الحذف إلى الأدلة والأمثلة المأثورة التي تكفي لتأييدهم رأيهم.

توكيد الضمير المرفوع المتصل والمنفصل توكيدًا معنويًا ...

أ- إذا أريد توكيد الضمير المتصل، المرفوع، "المستتر أو البارز" توكيدًا معنويًا يزيل الاحتمال عن الذات، جيء بلفظ التوكيد الذي يحقق هذا الغرض؛ وهو: "نفس" أو "عين"، بشرط أن يَفْصِل بينه وبين المؤكَّد إما ضمير منفصل مرفوع يُعربُ توكيدًا٢ لفظيًا مناسبًا للضمير السَّالف، "أي: للمؤكَّد"، وإما فاصل آخر ليس ضميرًا، نحو: أسرعْ أنت نفسُك للصارخ. ونحو: رغبتَ أنت نفسُك في الخبر رغبتما أنتما أنفسُكما لي الخير، رغبتم أنتم أنفسُكم في الخير، رغبتن أنتن أنفسُكن في الخير. ويجوز: "رغبتَ، حقًّا، نفُسك في الخبر"، "رغبتَ يوم الجمعة نفسُك أن تسافر"،"رغبتما، حقًا، أنفسكما في الخير" ... وهكذا. فالفصل واجب، ولكن الفصل بالضمير المنفصل أحسن وأفصح٣ ...


١ راجع ما سبق خاصًّا بهذا المثال في رقم ٢ من هامش ص٥١٣ ومن المراجعة يتبين أن هذا الأسلوب صحيح، وجود كلمة "أجمعين" بعده الدالة على الكل "الجميعي" لا المجموعي، وقد أوضحنا نوعي "الكل" في رقم ٦ من هامش ص٥١٢.
٢ انظر إعرابه في ص٥٣٠.
٣ وقد يكون من فائدة الفصل على الوجه السالف منع احتمالات معنوية غير مقصودة في بعض الصور، ففي مثل: خرجت البقرة، عينها، أو نفسها قد يخطر بالبال أن المراد هو خروج عينها التي تبصر بها، وخروج نفسها التي بها حياتها، وهي: الروح، فإذا جاء الفصل منع هذا الاحتمال، أو أضعف شأنه –وهذا صحيح- ويقولون: حملت الصور الأخرى التي لا احتمال فيها على هذه!! والحق أن السبب هو استعمال العرب ليس غير.

<<  <  ج: ص:  >  >>