للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي الدتيا تقول بِمْلءْ فيها ... حَذَارِ حَذارِ منْ بطشي وغَدْري

ومثال التوكد اللفظي بالمرادف: الذهبُ التبرُ مختبئ في صحارينا ... هذا، وفي جميع صوَر التوكيد اللفظي وحالاته لا يصح تكرار اللفظ السابق "وهو: المؤكَّد"، أكثر من ثلاث مرات؛ كقول الشاعر:

أَلاَ حَبّذّا حَبّذا، حَبّذا ... صديق تحملْتُ منه الأَذى

وقول الآخر:

أَلا، يا اسْلَمِي، ثُمْ١ ثُمَّتَ١ اسْلَمِي ... ثلاثَ تَحيَّات، وإِنْ لَمْ تَكَلَّمي٢

الغرض منه:

الغرض من التوكيد اللفظي٣؛ أمور؛ أهمها: تمكين السامع من تدارك لفظ لم يسمعْه، أو سمعه ولكن لم يتنبه. وقد يكون الغرض التهديد؛ كقوله تعالى في خطاب المعاندين بالباطل: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} .

وقد يكون التهويل: كقوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ ٤ مَا يَوْمُ الدِّينِ ٥ ? ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ?} .

وقد يكون التلذّذ بترديد لفظ مدلولُه محبوب مرغوب فيه، نحو: "الصحة، الصحة!! هي السعادة الحقَّة الحقَّة" الجنة الجنة!! ما أسعدَ من يفوز بها" "الأمّ، الأمّ!! أعذب لفظ ينطق به الفم٦" ...


"١، ١" إذا كان التوكيد اللفظي جملة مكررة جاز أن تكون مسبوقة بحرف العطف "ثم" أو "الفاء" وعندئذ لا يكونان حرفي عطف، وإنما يخضعان للحكم الخاص بهذه الصورة، وهو مدون في "هـ" من ص٥٣٦ وبهامشها هذا البيت لمناسبة هناك.
٢ أي: وإن لم تتكلمي.
٣ الفرق بينه وبين النعت موضح في الملاحظة الهامة "رقم ٢ من هامش ص٤٣٨".
٤ ما أعلمك؟ وما أخبرك؟ أدري: فعل ماض، في هذا البيت وهي في الآيتين بعد توكيد لفظي لبعض الحروف والأسماء والأفعال والجمل، فراجع الحكم في ص٥٢٧ وص٥٣٧ وما بعدهما.
٥ يوم الجزاء والحساب، وهو يوم القيامة.
٦ وقد اقتصر ابن مالك فيما سبق على تعريف التوكيد بقوله:
ومَا مِنَ التَّوكِيدِ لَفْظِيّ يَجِي ... مُكَرَّرًا: كَقَوْلِكَ: أدْرُجِي ادْرُجِي
أي: والذي هو لفظي من التوكيد يجيء مكررًا ... فالتوكيد اللفظي عنده هو ما يجيء مكررًا سواء أكان تكراره باللفظ والمعنى معًا أم بالمعنى مع اختلاف اللفظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>