للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد تكرر الحرف "كأَنَّ" من غير إعادة شيء معه، ولكن وجد فاصل بين الحرفين. وهو: "واو" العطف، فكان الضعف هنا أخف منه في البيت السابق١. ومثل قول الآخر يشكو حاله وحال أتباعه:

فلا واللهِ لا يُلْفَى٢ لما بي ... ولا لِلِما بهم أبدًا دواءُ

فقد تكرر الحرف اللام "لِلِمَا" بغير فصل ولا إعادة شيء. والتوكيد هنا واضح الثقل؛ لأن الحرف فَرْدِيّ؛ فتكراره مباشرة يزيد ثقله ويوضحه٣.

وأخف منه في الثقل لاختلاف الحرفين مع منعهم إياه إلا في المسموع، قول الشاعر:

فأَصبحْنَ لا يسأَلْنَهُ عن بِمَا بِهِ ... أصَعَّدَ في عُلْو الهوى أم تَصَوَّبا

فقد أتى "بالباء" بعد، "عَن" وهما يستعملان في معنى واحد، إذ يقال سألت به، وسألت عنه٤.

والحق أن الأمثلة ثقيلة، فوق أن الدافع إلى أكثرها قد يكون الضرورة الشعرية. فاستبعادها أفضل.


١ سيجيء في الزيادة –ص٥٣٥– أن حرف العطف يعتبر من الفواصل المبيحة للتكرار مباشرة. لكن حرف العطف الفردي –كالواو والفاء– يعتبر مسوغًا مشوبًا بالضعف. وإذا وقع حرف العطف فاصلًا في التوكيد صار مهملًا لا يعطف، ولا أثر لوجوده غير الفصل –طبقًا للبيان الآتي في "هـ" من ص٥٣٦.
٢ لا يلقَى: لا يوجَد.
٣ وفي كتاب معاني القرآن للفراء أمثلة متعددة لتكرار الحرف الفردي وغير الفردي ج١ ص٦٧.
٤ ومن المسموع اجتماع: "كي" و"أنْ" المصدرية وقبلهما "اللام" في مثل: عاونت الضعيف لكي أن تشيع المودة بين الناس، فقد أجازوا أن تكون اللام جارة و"كي" جارة، توكيدًا لها. كما أجازوا أن تكون "كي" مصدرية، و"أن" مصدرية توكيدًا لها. وما سبق بالرغم من إباحته غير مستحسن. وسيجيء التفصيل في ج٤ باب إعراب الفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>