للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاشتراك في المعنى؛ وتفيد معه الاتحاد في الزمن بين المعطوف؛ "أصحاب ... " والمعطوف عليه: "الهاء" فقد نجا نوح وأصحابه في وقت واحد -معًا- بدليل النصوص القرآنية الأخرى١ وروايات التاريخ القاطع؛ فلا ترتيب ولا مهلة. ومن أمثلة الترتيب والعقيب؛ جرى الماء وأرْوَى الزروع.

وأنا فُقِدت القرينة الدالة على الترتيب الزمني أو على المصاحبة فالأكثر اعتبارها للمصاحبة، ويلي هذا اعتبارها؛ فيكون المعطوف متأخرًا في زمنه عن المعطوف عليه. ومن النادر العكس، ويراعى في هاتين الحالتين عدم التعقيب إلا بقرينة.

وإن وقعت "واو" العطف قبل: "إمّا"االثانية لم تفد معنى الجمع والتشريك، وإنما تفيد معنى آخر يقتضيه المقام الذي لا يسايره معنى الجمع؛ كالتخيير٢؛ مثل: استَرِضْ إما مشيًا وإما ركوبًا....، وقد تكون للتخيير مباشرة بغير "إما"؛ نحو: سافر الآن بالقطار والطائرة. وقد يكون معناها التقسيم؛ نحو: الكلمة اسم، وفعل، وحرف.

أحكامها:

١- من أحكام "واو" العطف، التي تشارك فيها بعض أخواتها٣، أنها تعطف المفردات –كبعض الأمثلة السابقة– والجمل٤،


١ القصة كاملة في سورة هود، وفيها النص على نجاة نوح ومعه ركاب السفينة، حيث قال تعالى: {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} .
أي: استقرت السفينة بمن فيها بعد كل ما سبق على جبل معروف: يسمى: "الجودي".
٢ معناه في ص٦٠٤ -وسيجيء الكلام على "إما" ومعانيها في ص٦١٢-.
٣ أنها قد تتجرد للاستئناف المحض، ولا تصلح لغيره وكذلك "الفاء" و"ثم".
٤ بنوعيها. فمثال الجملة الاسمية قولهم: "لا فقر أشدُّ من الجهل، ولا ماَلَ انفعُ من العقل، ولا حَسَبَ كحُسن الخُلق ... " وقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} ، قول الشاعر المسهد:
فلا الصبح يأْتينا، ولا الليل ينضي ... ولا الريح مأذون لها بسكون
ومثال الفعلية قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ... } . وقول الشاعر:
إذا صار الهلال إلى كمالٍ ... وتمّ بهاؤه فَارقُبْ مَحَاقَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>