للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل: "سكنت بين النهر والحدائق١ ومثل: تضيع الكرامة بين الطمع والبخل"؛ لأن معنى "بيّن" لا يتحقق بفرد واحد تضاف إليه٢، وهكذا غيرها من الكلمات التي تؤدي معنى نسبيًا٣؛ مثل: تشارك، تعاون، اختصم، اصطفّ٤ ...

ومنها: اختصاصها بعطف عامل قد حُذف وبقي معموله. نحو: "قضينا في الحديقة يوما سعيدًا أكلنا فيه وأشهَى الطعامِ، وأطيب الفاكهةِ، وأعذبَ الماء" فكلمة: "أطيب" معطوفة على: "أشهى"، أي: أكلنا أشهَى


١ يصح أن يقال: سكنت بين النهر وبين الحدائق، بتكرار "بين" إذا كان المتعاطفان اسمين ظاهرين كما في المثال، والغرض من التكرار هو تأكيد المعنى وتقويته. وهنا التكرار جائز مع العطف، بشرط أن تكون الأولى مضافة لاسم ظاهر مفرد "أي: لا يدل على تعدد" فان أضيفت لضمير دال على الإفراد وجب التكرار مع عطفه المكررة بالواو؛ طبقًا لما فصلناه في ب٢ ص٢٦٨ م٧٩ حيث جاء فيه ما نصه:
"يجوز أن يقال المال بين محمود وبين علي: بزيادة "بي الثانية للتأكيد، كما قاله ابن بريّ وغيره، وبذلك
يرد على منع الحريري تكرارها راجع حاشية "ياسين" على التصريح، ج٢ أول باب العطف وكذلك حاشية الصبان ج٢ في ذلك الباب عند الكلام على واو العطف ".
ومن المسموع في هذا قول علي بن أبي طالب -كما جاء في كتاب "سجع الحمام، في حكم الإمام " ونصه:
"للمؤمن ثلاث ساعات ... وساعة يخلي فيها بين نفسه وبين لذاتها" ا. هـ. ويؤيد ما سبق أيضا، ما ورد من نصوص فصيحة، نثرية وشعرية، وأدلة أخرى سجلناها هناك.
٢ لهذا قالوا في بيت امرئ القيس:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومنْزِلِ ... بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
أن التقدير: بين أماكن الدخول وحومل "الدخول وحومل: موضعان" وقيل أن الرواية هي: بين الدخول وحومل. فلا تقدير.
٣ هو المعنى الذي لا يتحقق إلا بنسبته إلى اثنين "أو أكثر" يشتركان فيه؛ ويقع عليهما.
٤ ومثل "استوى" في قول الشاعر يصف حاله مع احد أقاربه:
صَبرت على ما كان بيني وبينه ... وما تستوي حربُ الأَقارب والسِّلْمُ
ومثلها: "تَسَاوَى" بشرط أن يكون -كسابقتها- إفادة التساوي بين شيء وآخر.
هذا، وقد تقع الواو بعد كلمة: «سواء» التي تفيد التسوية ولكن بشرط أن تقع بين اسمين، وإلا توجد همزة التسوية، نحو: سواء علي الأخ والصديق الوفي. وهنا رأي سيبويه، أما الكلام على التسوية والمراد مننها ففي ص ٥٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>