للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيضاءَ شحمةً" لئلا يترتب على العطف المباشر من غير تقدير المحذوف، عطف شيئين على معمولي عاملين مختلفين بحرف عطف واحد، وهذا ممنوع. والعاملان هما "ما١، وكلّ" والمعمولان هما: "بيضاء، وشحمةً"٢.

هذا ما يقوله كثير من النحاة. ولكن الصحيح أن الواو العاطفة لا تختص بهذا الحكم وحدها، وإنما تشاركها فيه "فاء" العطف –كما سيجيء عند الكلام عليها٣ مثل: أحْسِن بدينار فصاعدًا ... أي فاذهب صاعدًا بالعدد٤ ...

ومنها جواز حذفها عند أمن اللبس٥؛ نحو: زرت أقاربي في الصعيد، وقابلت منهم: العم، والعمة، الخال، الخالة، أبناءَهم ... أي: العم والعمة، والخال والخالة وأبناءهم. ومثل: قرأت اليومَ: الصحف اليومية، المجلات، الرسائل، المحاضرات ... أي: الصحفَ اليومية، والمجلات. والرسائل، والمحاضرات ...

ومثل هذا يقال في سرد الأعداد، نحو: من الأعداد عشر، عشرون، ثلاثون، أربعون ...

ومنها: عطف الشيء على مرادفه لتقوية معناه وتأكيده٦ كقولهم: الصمت والسكوت عن غير السداد سداد. وقولهم يعود البغي والطغيان وبالًا على صاحبه، فالمعطوف وهو: "السكوت" بمعنى المعطوف عليه: "الصمت" وكذلك الطغيان والبغي ... ومن هذا قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} ، فكلمة؛ "بثّ" معطوف عليه؛ وكلمة: "حُزن" معطوف مرادف له في المعنى.


١ على اعتبار "ما" حجازية تعمل عمل: "ليس".
٢ سبق هذا المثال في آخر باب الإضافة ص١٦١ لمناسبة هناك: ويعاد موضحًا في آخر هذا الباب ص٦٣٨.
٣ في ص٥٧٥.
٤ سبق إيضاح هذا في مكانه الأنسب ج٢ ص٣٠٤ م٨٦ باب الحال وحذف عامله.
٥ الصحيح أن "الفاء" تشاركها في هذا الحكم. وكذا: "أو"، "كما سيجيء في ص٥٧٥ و٦١١ و٦٤١. غير أن حذف الواو هو الأكثر.
٦ قد تشاركها: "أو" في هذا أحيانًا؛ كقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ... } فالخطيئة هي الإثم –ولهذا إشارة تجيء في "د" من ص٦١١-.

<<  <  ج: ص:  >  >>