للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العطف في نحو: صفحت عن المسيء حتى خَجِل، وتركته لنفسه حتى نَدِم، ولا في قول المعَري:

وهوّنتُ الخطوب عليّ، حتى ... طأنّي صرت أَمْنَحُها الودادا

ب- أن يكون الاسم المعطوف بها اسمًا ظاهرًا لا ضميرًا، وصريحًا لا مؤولًا؛ فلا يجوز اعتبارها حرف عطف في مثل: انصرف المدعوون حتى أنا. وقد ارتضى بعض المحققين الاستغناء عن هذا الشرط، وأجاز المثال السالف، وأشباهه. وفي الأخذ برأيه توسعة وتيسير. كما لا يجوز اعتبارها عاطفة في مثل: "أحب المقالات الأدبية حتى أقرأ الصحف"؛ لما يترتب على هذا من وقوع معطوفها مصدرًا مؤولًا. وهذا لا يصح.

ج- أن يكون المعطوف بعضًا حقيقيًا١ من المعطوف عليه، أو شبيهًا بالبعض٢، أو بعضًا بالتأويل٣. فمثال البعض الحقيقي: بالرياضة تقوى


١ البعض الحقيقي –هنا– إما أن يكون جزءًا من الكل بحيث لا يوجد الكل الكامل بغيره؛ نحو: أفاد الدواء الجسم حتى الإصبع، وإما أن يكون فردًا في مجموع؛ نحو: سهر الجيش حتى القائد، وأما أن يكون نوعًا من جنس يشمل أنواعًا كثيرة؛ نحو: النبات نافع حتى المتسلق.
٢ هو العَرَض الملازم للكل من غير أن يدخل في تكوين ذاته الأصلية؛ كالجمال والعلم، واللون، والخلق، والصوت، نحو: راقني الخطيب حتى ابتسامته ...
٣ أي: بتقدير أنه كالبعض، واقتراض ذلك. والمراد به: ما يصاحب "الكل" ويرافقه في أحيان كثيرة دون أن يكون جزءًا حقيقيًا منه، ولا ملازمًا له ملازمة دائمة ... نحو: حضر القطار فنزل المسافرون، حتى الحقائب. وهذا يقتضي أن يكون البعض التأويل ملاحظًا في نفس المتكلم عند النطق بالكل، وداخلًا في نيته وتقديره أنه بمنزلة البعض؛ لأهميته وشدة اتصالهز ومن أمثلته التي عرضها النحاة قول شاعر يصف هاربًا من مسلكه الذي أمر بقتله:
ألقى الصحيفة كي يخفف رحله ... والزاد حتى نعله ألقاها
برواية من نصب كلمة: "نعل" على اعتبار أن ما قبلها وهو "ألق الصحيفة.. والزاد" في تأويل: ألقى عنه الحمل الثقيل. ونعله بعض ما يثقله؛ فيكون معطوفًا على "الصحيفة"، وهناك روايات في ضبط تلك الكلمة لا تعنينا هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>