للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب في النوعين أن يتأخر عنها المنفيّ؛ -كما أشرنا١- مثل: سواء عليَّ أغضب الظالم لأم لم يغضب. ولا يصح: سواء عليَّ أم يغضب الظالم أم غضِب١. وفي مثل: أمطرٌ نزل أم لم ينزل؟ لا يصح: ألم ينزل مطر أم نزل؟

الفرق بين قسمي "أمْ" التي بعد همزة التسوية عن "أمْ" التي يراد بها وبهمزة الاستفهام التعيين في أربعة أمور:

أولها: أن الواقعة بعد همزة التسوية لا تستحق جوابًا حتميًا٢؛ لأن المعنى معها على الإخبار؛ وليس على الاستفهام؛ فقد تركت الاستفهام إلى الإخبار بالتسوية؛ بخلاف الأخرى. فإنها باقية على الاستفهام. فتحتاج للجواب.

ثانيها: أن الكلام مع الواقعة بعد همزة التسوية قابل للتصديق والتكذيب٣ إذ هو خبر –كما أسلفنا– بخلاف الأخرى؛ فإن الكلام معها إنشائي؛ لا دخل للتصديق والتكذيب فيه؛ لبقاء الاستفهام على حقيقته في الغالب.

ثالثها: أن الواقعة بعد همزة التسوية لا بد أن تقع بين جملتين –ومن النادر الذي لا يقاس عليه ألا تكون كذلك، كما سبق٤– أما الأخرى فقد تكون بين


"١، ١" في رقم ٥ من هامش ص٥٨٥ وفي رقم ١ من هامش ص٥٩١.
٢ المراد: أنها لا تستحق الجواب استحقاقًا لازمًا، ولا مانع أن يكون لها جواب، لأن الخبر وهو يحتمل الصدق والكذب لذاته، بخلاف الإنشاء يجوز أن يجاب، "بنعم" تصديقًا له، أو: "بلا" تكذيبًا له، لكن هذا جائز لا واجب كما سبقت الإشارة في رقم ٢ من هامش ص٥٨٥.
٣ ذلك أن جملة مثل، سواء عَلَيَّ أرضي أم سخط، أو: لست أبالي أرضي الحقود أم سخط –وأشباهها– تقبل التصديق والتكذيب؛ لأنها خبر بخلاف جملة مثل: أسعدٌ مقبل أم علي؟ أو: ما أدري أشار خطيبنا أم ناثر؟.
ومما يلاحظ: أن مجموع: "ما أدري أشاعر خطيبنا أم ناثر"؟ هو كلام خبري محتمل التصديق والتكذيب، ولكنه من غير الجملة التي في صدره وهي: "ما أدري" –يكون إنشائيًا. لأنه اتستفهام.
٤ في ص٥٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>