للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوع الثاني – "أم" المنقطعة، "أو: المنفصلة".

تعريفها: "هي التي تقع –في الغالب– بين جملتين مستقلتين في معناهما، كل منهما معنى خاص يخالف معنى الآخر، ولا يتوقف أداء أحدهما وتمامه على الآخر؛ فليس بين المعنيين ما يجعل أحدهما جزءًا من الثاني. وهذا هو السبب في تسمية: "أم" بالمنقطعة، أو: بالمنفصلة، وفي أن يكون معناها –غير النادر– الإضراب دائمًا١ فتكون في هذا بمعنى: "بَلْ"٢. وقد تفيد معه معنى آخر أحيانًا٣.

علامتها:

ألا تقع –مطلقًا٤– بعد همزة التسوية، ولا بعد همزة الاستفهام التي يطلب بها، و"بأمْ" التعيين –وقد شرحناهما٥– وإنما تقع بعد نوع مما يأتي:

١- الخبر المحض؛ مقوله تعالى في الكفار: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} أي: بل يقولون أفتراه، فقد وقعت "أمْ" بين جملتين هما: {هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} ، و {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} وكل منهما مستقلة بمعناها عن الأخرى، ومن الممكن عند الاكتفاء بها أن تؤدي معنى كاملًا. و"أمْ" هنا بمعنى: "بل" الدالة على الإضراب المحض الذي لا يشاركه معنى آخر.


١ قد يكون المقصود به هنا: إبطال الحكم السابق، ونفي مضمونه، والقطع بأنه غير واقع، والحكم على مدعيه بالكذب، والانصراف عن ذلك الحكم إلى حكم آخر يجيء بعدها. وهذا هو الإضراب الإبطالي"، نحو: سمعت ترجيع بلبل صداح، أم أصغيت لإيقاع موسيقي بارع تبينتُ الناس حوله مجتمعين.
وقد يكون المراد به: الانتقال من غرض باق على حالة إلى آخر يخالفه. ويسمى "الإضراب الانتقالي"؛ نحو: فاز من حاسب نفسه، وتدارك عيبه، أم حسب المرء أن المجد سهل إدراكه، قريب المنال ... والأول هو الأكثر –وسيجيء تفصيل الكلام على الإضراب بنوعيه في ص٦٢٣-.
٢ "أم" مثل "بل" في الإضراب المجرد. لكنهما يختلفان بعد ذلك في أمور؛ منها: أن الذي بعد "بل" يقين غالبًا، أما الذي بعد "أم" فظن وشك –على الوجه المشروح في رقم ٣ من هامش ص٦٢٩- "وسيجيء الكلام على "بل" "في ص٦٢٣" –وفي رقم ٢ من هامش ص٦٢٤.
٣ كما سيجيء في: "ب" ص٦٠٠.
٤ أي: لا لفظًا ولا تقديرًا.
٥ في ص٥٨٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>