للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- وقد تقع بعد أداة استفهام غير الهمزة، كقوله تعالى: {هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} ١ والشأن في هذه الآية كسالفتها. في الدلالة على الإضراب المحض.

٣- وقد تقع بعد همزة ليست للتسوية ولا لطلب التعيين، وإنما هي لنوع من الاستفهام غير الحقيقي، معناه: الإنكار والنفي؛ كقوله تعالى في الأصنام: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} فالاستفهام هنا غير حقيقي٢ والمراد منه ما سبق.

٤- وقد تقع بعد همزة استفهام غير حقيقي أيضًا، ولكن يراد منه التقدير، أي: الحكم على الشيء بأنه ثابت مقرر، وأمر واقع؛ كقوله تعالى في المنافقين: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} ٣.

فكلمة "أم" في جميع الأنواع السالفة منقطعة بمعنى: "بل".

ومن الأمثلة للإضراب المحض٤: "هذا صوت مغنية بارعة، أم هذا صوت مغَنّ مقتدر، فقد تبينت لحيته وشاربه". هنا وقعت "أمْ" بين جملتين تفيد الأولى منهما أن الصوت لمعنيَة، وتدل الثانية على أن المتكلم أضْرَبَ، -أي: عَدَل– عما قرره أوّلًا، وتركه إلى معنى آخر، هو أن الغناء لرجل، لا لمغنية. والذي يدل على إضرابه وعدوله عن المعنى الأول إلى الثاني، هو ذكر


١ قلنا: إن المنقطعة لا يفارقها الإضراب إلا في النادر، ولكنها قد تفيد معه استفهامًا حقيقيًا أو غير حقيقي؛ "طبقًا لما سيجيء في: "ب" من ص٦٠٠" و"أم" هنا في الآية لا تفيد استفهامًا حقيقيًا أو غير حقيقي. لأن أداة الاستفهام لا تدخل على أداة استفهام –كما سيجيء في ص٦٠١-.
٢ الاستفهام الحقيقي: هو الذي يقصد به السؤال عن شيء مجهول للمتكلم حقيقة، ويريد أن يعرفه.
٣ وكقوله تعالى في المعارضين: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} .
٤ وفي ص٦٠٠ أمثلة غير الآتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>