للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا: نَأْتْ؛ فاختر لها الصبر والبكا ... فقلت: البكا أَشفَى –إِذًِا لغليلي

والدليل على اختيار المجرد، وعدم الجمع ... هو إجابة السامع، وأن البكاء والصبر لا يجتمعان في وقت واحد، ولا يتلاقيان معًا.

ومما تقدم يتبين أن الإباحة والتخيير لا يكونان إلا بعد صيغة دالة على الأمر١ دون غيره, كما يتبين وجه الشبه والتخالف بين الإباحة والتخيير؛ فهما يتشابهان في أن كلا منهما يجيز للمخاطب أن يختار احد المعاطفين. ويختلفان في أن التخيير يمنع الجمع بين المتعاطفيْنِ، أما الإباحة فلا تمنع.

ب- ومن معانيه: الشك من المتكلم في الحُكم، بشرط أن يكون قبل "أو" جملة خبرية٢؛ نحو: قضيت في السباحة ثلاثين دقيقة، أو أربعين.

ج- ومن معانيه: الإبهام٣ من المتكلم على المخاطب، بشرط أن يكون قبله جملة خبرية أيضا: كمن يسأل: متى تسافر لأشاركك؟ فإذا كنت لا ترغب في مصاحبته أجبتَ: قد أسافر يوم الخميس أو الجمعة، أو السبت ... ، وإذا سألك: أين كنت يوم الأحد –مثلا-؟ أجبتَ: كنت في البيت، أو المتجَر. أو الضَّيْعة، تقول هذا عند الرغبة في إخفاء المكان عنه فالشك والإبهام إنما يقعان لغرض مقصود، حيث تكون "أو" بعد جملة خبرية٤.

د- وهناك معان أخرى غير التي سبقت في: "أ، ب، ج" ولا يشترط


١ قلنا في رقم ٣ من هامش ص٦٠٣: إنه لا فرق بين الأمر بصيغته الخاصة الصريحة، وهي صيغة "فعل الأمر" وأداة أخرى تؤدي معناه؛ كلام الأمر الداخلة على المضارع. ولا فرق كذلك في الأمر بين أن يكون ملفوظًا، ومقدارًا ملحوظًا. ومثال المقدر قوله تعالى للحجاج {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} أي: فَلْتُقَدَّمْ فديه من صيام، أو صدقة، أو نسك ...
٢ الخبر: هو الذي يحتمل الصدق والكذب لذاته –كما سبق في رقم ٢ من هامش ص٥٩٤-.
٣ المراد به: أن يخفي المتكلم الحقيقة المعروفة له، ويكتمها عن المخاطب بطريقة خاصة. قد يكون القصد منها عدم إثارته، أو إقلاقه، أو الكذب عليه ... فالحكم عند الإبهام معلوم للمتكلم دون المخاطب؛ بخلاف الشك؛ فإن المتكلم ولمخاطب مستويان في شأن الأمر المشكوك فيه. "والشك: هو ما ينشأ في النفس من تعارض دليلين في أمر واحد، بغير ترجيح لأحدهما. وقد سبق إيضاحه في ج٢ ص٥ م٦٠".
٤ "ملاحظة": الغالب الفصيح -قيل: الواجب– في الضمير ونحوه مما يحتاج للمطابقة =

<<  <  ج: ص:  >  >>