للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتحقق هذه المعاني الأخرى أن تكون: "أو" مسبوقة بنوع معيَّن من الجمل، فقد يتحقق المعنى والجملة السابقة طلبية مطلقًا، أو خبرية.

ومن هذه المعاني: التفصيل١ بعد الإجمال "أي: التقسيم، وبيان الأنواع"؛ نحو: الكلمة: اسم، أو فعل، أو حرف. والاسم: مشتق، أو جامد. والفعل: ماض، أو مضارع، أو أمر ... ؛ ومن هذا النوع قول القائل: اجتمع في النادي ثلاث طوائف ممن يمارسون أعمالًا حرة مختلفة يحبونها. فسألتهم


= بعد "أو" التي للشك أو الإبهاء، أن يكون مفردًا؛ مثل أبصرت ثعلبًا أو ذئبًا يجري، ونحو: محمد أو علي أو محمود لم أقابله. فإن كانت"أو" للتنويع "أي: لبيان الأنواع والأقسام كالتي ستجيء في: "د" فالغالب –وقيل: الواجب– في الضمير بعدها المطابقة؛ كالضمير بعد واو العطف؛ -وقد سبق في رقم ١ من هامش ص٥٦٢ كقوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا} .
"راجع: شرح التصريح، وحاشية ياسين في الجزء الأول، "باب: ظن" عند الكلام على: "زعم" حيث نص على وجوب المطابقة وأن هذا الوجوب والحق وكذا في حاشية ياسين في "باب النسب" إلى ما حذفت فاؤه أو عينه، والمغني ج٢ في مبحث الجملة الثانية وهي المعترضة إحدى الجمل التي لا محل لها من الإعراب في الموضع الرابع من مواضعها.
لكن جاء في الجزء الأول من كتاب: "معاني القرآن" للفراء طبعة دار الكتب سنة ١٩٥٥م في أول سورة النساء، عند قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ... } ما نصه:
"لم يقل: "ولهما" وهذا جائز إذا جاء الحرفان في معنَى "أي: حُكم" واحد "بأوْ" أسندت التفسير إلى أيهما شئت. وإن شئت ذكرتهما فيه جميعًا، تقول في الكلام: من كان له أخ أو أخت فليصله، تذهب إلى: "الأخ"، و"فليصلها" تذهب إلى: "الأخت" وإن قلت: فليصلهما" فذلك جائز. وفي قرائتنا: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} وفي إحدى القراءتين "فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَ" ذهب إلى الجمع؛ لأنهما اثنان غير مؤقتين. وفي قراءة عبد الله "وَالَّذَانِ يفعلون مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا" فذهب إلى الجمع لأنهما اثنان غير موقتين، وكذلك في قراءته "وَالسَّارِقُون وَالسَّارِقَات فَاقْطَعُوا أَيمانهما"ا. هـ. ولعل الأخذ بهذا الرأي أنسب لقوته وتيسيره. هذا، وللمسألة السالفة اتصال بما سيجيء في رقم ٣ ص٦٥٨.
١ وهي في هذا المعنى مثل "إما" التي يأتي الكلام عليها في ص٦١٢ وقد طال الجدل بين بعض النحاة في معنى: "التقسيم والتفصيل"؛ أهما مترادفان، معناهما واحد، أم لكل منهما معنى خاص؟ وكذلك بين: "التقسيم والتفريق".... ولا داعي اليوم للرجوع إلى هذا الجدل، ولا إلى ما يذكرونه من أن التفصيل تبين للأمور المجملة بلفظ واحد؛ كواو الجماعة في المثال الثاني، وفي قوله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا} أي: قالت اليهود: كونوا هودًا، وقالت النصارى كونوا نصارى، ولا ماي ذكرونه من أن التقسيم تبيين لما دخل تحت حقيقة واحدة؛ ففي الآية جمعت اليهود والنصارى في لفظ واحد؛ وهو الضمير "واو الجماعة" الذي هو فاعل الفعل: "قال" وهو الفعل الذي جمع في لفظه ما نطق به اليهود والنصارى ... إلى غير هذا مما أثاروه من جدل عنيف يغنينا عنه الرأي الذي لا يفرق بينهملا، ويرى أن المسألة هنا اصطلاحية محضة؛ فلا ضرر في توحيد معناهما وجعلهما مترادفين.

<<  <  ج: ص:  >  >>