للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨- لكنْ:

حرف عطف معناه الاستدراك١؛ نحو: ما صاحبت الخائنَ لكنْ الأمينَ؛ "فالأمين" معطوف على "الخائن".

ولا يكون عاطفًا إلا باجتماع شروط ثلاثة:

أولها: أن يكون المعطوف به مفردًا٢، لا جملة، مثل: ما قطفت الزهرَ لكنْ الثمرَ. فإن لم يكن مفردًا وجب اعتبار "لكن" حرف ابتداء واستدراك معًا، وليس عاطفًا، ووجب أن تكون الجملة بعده مستقلة في إعرابها عن الجملة التي قبله، نحو: ما قطفت الزهر لكنْ قطفت الجملة بعده مستقلة في إعرابها عن الجملة التي قبله، ونحو: ما قطفت الزهر لكنْ قطفت الثمر.. فكلمة: "لكن" حرف ابتداء واستدراك معًا، ولا يفيد عطفًا، والجملة بعدها مستقلة في إعرابها؛ لأن "لكنْ" الابتدائية لا تدخل إلا على جملة جديدة مستقلة من الناحية الإعرابية٣.

ثانيها: ألا يكون مسبوقًا بالواو مباشرة؛ نحو: ما صافحت المسيء لكن المحسنَ. فإن سبقته الواو مباشرة لم يكن حرف عطف واقتصر على أن يكون حرف استدراك وابتداء الكلام، ووجب أن تقع بعده جملة "فعلية أو اسمية" تُعْطَف بالواو على الجملة التي قبلها؛ فمثال الفعلية: ما صافحت المسيء ولكنْ صافحت المحسن، وقول الشاعر:

إذا ما قضيت الدَّيْن بالدَّيْن لم يكن ... قضاءٌ؛ ولكنْ كان غُرْمًا على غُرم....


١ الاستدراك: "تعقيب الكلام بإزالة بعض الخواطر والأوهام التي ترد على الذهن بسببه". وهو يقتضي أن يكون ما بعد أداة الاستدراك مخالفًا لما قبلها في الحكم المعنوي؛ نحو: ما قطفت الزهر. فمعنى هذه الجملة نفي القطف عن الزهر. فقد يتسرب إلى الذهن من هذا المعنى أن الثمر لم يقطف أيضًا، فلإزالة هذا الوهم واستبعاده نأتي بأداة تبعده، مثل: "لكن"؛ فنقول: ما قطفت الزهر، لكن الثمر. فكلمة: "لكن" أداة من أدوات الاستدراك. أزالت ذلك الوهم. وأثبتت أن الثمر قُطف "وقد سبق إيضاحه وتفصيل الكلام عليه في ج١ ص٤٧٢ م٥١. وفي رقم ٢ من هامش ص٤٢٨ م٣٥-" كما سبق هناك أن الحرف الدال على "الاستدراك" "وهو: "لكن" بنوعيها، مشددة النون وساكنتها" لا تقع في صدر جملة تعرب خبرًا ...
١ طبقًا للرأي الأقوى والأشهر.
٣ ومن أمثلة الجملة الفعلية بعدها قول الشاعر:
وما نيل المطالب بالتمني ... ولكن تُؤخَذ الدنيا غِلابا
وقول الآخر يصف حياته:
حياة مشقات. ولكنْ –لبُعْدها ... عن الذلّ –تصفو للأبيّ وتَعْذُب

<<  <  ج: ص:  >  >>