للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثال الاسمية:

وليس أَخي من ودّني رأيَ عينه ... ولكنْ أخي من ودني وهو غائب

"فالواو" حرف عطف. "لكن"، حرف استدراك وابتداء كلام. والجملة بعدها معطوفة بالواو على الجملة التي قبلها١.

ثالثها: أن تكون مسبوقة٢ بنفي، أو نهي، كما في الأمثلة السابقة. ونحو: لا تأكل الفاكهَةَ الفِجَّةَ لكن الناضجةَ. فإن لم تُسبق بذلك كانت حرف ابتداء واستراك لا عاطفة، ووجب أن يقع بعدها جملة مستقلة في إعرابها، نحو: تكثر الفواكة شتاء، لكنْ يكثر العنب صيفًا.

ويؤخذ مما سبق أن الحرف "لكنْ" حرف استدراك دائمًا؛ سواء أكان عاطفًا أم غير عاطف. وأنه لا يعطف إلا بشروط ثلاثة مجتمعة، فإن فُقِدَ منها شرط أو أكثر لم يكن عاطفًا، ووجب دخوله على الجُمل، واعتباره حرف استدراك وابتداء معًا.

والاستدراك يقتضي أ، يكون ما بعد أداته مخالفًا لما قبلها في حكمه المعنوي؛ كما في الأمثلة السالفة، كما في نحو: "لا أصاحب المنافق لكن الشهم = لا تجالس الأشرار لكن الأخيار". فمعنى الجملة التي قبل "لكن" منفي، أو منهيّ عنه، وهذا المعنى في الجملة التي بعدها مثبت وغير منهيّ عنه؛ فهما مختلفان فيه نفيًا وإيجابًا، ونهيًا وغير نهي.

ولما كان الكلام قبل "لكن" العاطفة منفيًا دائمًا، أو منهيًا عنه، وجب أن يكون ما بعدها مثبتًا دائمًا، وغير منهيّ عنه٣، فالمعنى بعدها مناقض للمغنى قبلها١ ...


١ لهذا إشارة في رقم ٢ من هامش ص٥٦٨.
٢ وهذا الشرط هو الأرجح والأقوى.
٣ أما غير العاطفة، أو "لكنْ" المشددة فقد يكون الأول فيهما هو المثبت، والمتأخر هو المنفي، أو العكس –كما سبق في ج١ من ص٥٧١– فالذي تجب مراعاته مع أداة الاستدراك "لكنْ = ولكنْ" هو مخالفة ما قبلها لما بعدها في الحكم نفيًا وإيجابًا، وغيرهما.
وفيما سبق يقول ابن مالك بيتًا يشتمل بإيجاز على حكم: "لكنْ" و"لا" العاطفتين "وسيجيء الكلام على "لا".
وأوْلِ "لكِنْ" نَفيًا، أو نهيًا. و"لاَ" ... نِدَاءً، أو أَمْرًا، أوِ اثبَاتًا تَلاَ
"وأول لكن نفيًا": اجعلها والية نفيًا وواقعة بعده، وذلك بأن يتقدم النفي وتليه لكنْ، أي تجيء بعده. هذا كل ما تعرض له البيت. وهو تعرض مبتور، أما باقية فليس خاصًا بلكن.
حكم الضمير بعدها إذا كان عائدًا على المتعاطفين من ناحية المطابقة وعدمها، موضح في رقم ٣ ص٦٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>