للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- وان دخل على مفرد فحكمه أنه: حرف عطف: يختص بعطف المفردات وحدها. أما معناه هنا فيختلف باختلاف ما قبله من كلام مثبت، أو مشتمل على صيغة أمر، أو كلام منفي، أو مشتمل على صيغة نهي.

١- فإن تقدم على: "بل" كلام موجب أو صيغة أمر نحو١: "أعددت الرسالة بل القصيدة لبست المعطف بل الثياب" "عاون المحتاج بل الضعيف" ساعف الصديق بل الصارخ" كان معنى "بل" أمرين معا، أساسيين:

أولهما: الإضراب عن الحكم السابق؛ بنفي المراد منه نفيًا تامًّا، وإبطال أثره كان لم يكن، وسلْبه عن صاحبه، وترك صاحبه مسكوتًا عنه مهملا؛ أي غير محكوم عليه بشيء مطلقًا بمقتضى هذا الكلام الذي أزال عنه الحكم السالف، وتركه بغير حكم جديد يقع عليه. وان شئت فقل: إنّ الكلام السابق على "بل" صار كأنه لم يذكر٢.

ثانيهما: نقل الحكم الذي قبل "بل" نقلا تاملًا إلى ما بعدها منغير تغيير بشيء في هذا الحكم الذي أزيل عما قبلها، واسْتقر لما بعدها، ففي الأمثلة السابقة يقع الإضراب على إعداد الرسائل، فينفي الإعداد لها، ولكنه يثبت للقصيدة بعدها. ويقع الإضراب على لبس المعطف، فلا يحصل؛ وإنما ينتقل اللبس إلى الثياب. وكذلك ينصت الإضراب على معاونة المحتاج؛ فلا يحصل؛ وإنما تنتقل المعاونة إلى الضعيف وتثبت له. وأيضا تلغى المساعفة للصديق ولكنها تثبت للصارخ. وهكذا.

٢- وان تقدم على "بل" كلام منفي، أو مشتمل على صيغة نهي، نحو: "


١ يراد بها ما يدل على الأمر صراحة، كفعل الأمر، ولام الأمر الداخلة على المضارع. لكن أيلحق بالأمر هنا التمني، والترجي، والعرض، والتحضيض، أم لا يلحق؟
رأيان بينهما خلاف واسع. والأحسن التيسير بقبول الرأي الذي يلحقها -كما سيجيء في هامش ص ٦٢٧-.
٢ ففي الأمثلة السابقة ماذا جرى للرسالة، والعطف، والمحتاج، والصديق، بعد أن سلبنا الحكم الواقع على كل منها؟
ليس في الكلام ما يدل على حكم جديد بعد الحكم المسلوب الذي نفيناه. فكل واحد منها بمنزلة كلمة مفردة نطقنا بها وحدها من غير أن نسند إليها شيئًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>