للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واما الحالتان اللتان يستحسن فيهما الفصل ويرجح١.

فالأولى: أن يكون المعطوف عليه ضميرا مرفوعا متصلا، سواء أكان متستترًا أم بارزا؛ فيستحسن عند العطف عليه فصله بالتوكيد٢ اللفظي أو المعنوي أو بغيرهما أحيانا. فالفصل بالتوكيد اللفظي يتحقق بضمير مرفوع منفصل مناسب٣ نحو: "لقد كنت أنت ورفاقك طلائع الإصلاح، وكنتم أنت والسباقون إليه موضع الإعجاب والتقدير". فكلمة: "رفاق" معطوفة على: "التاء" وهي الضمير المتصل المرفوع البارز بعد توكيد لفظه بالضمير المرفوع المنفصل: "أنت". وكذلك كلمة: "السباقون" معطوفة على الضمير البارز "التاء والميم"، في "كنتم" بعد توكيده توكيدا لفظيا بالضمير المرفوع المنفصل: "أنتم".

ومثال العطف على الضمير المتصل المرفوع المستتر مع الفصل: انتفع أنت وإخوانك٤ بتجارب السابقين.

والفصل بالتوكيد المعنوي يتحقق بوجود لفظ من ألفاظه بين المتعاطفين؛ ومن الأمثلة قول الشاعر:

ذعرتم أجمعون ومن يليكم ... برؤيتنا، وكنا الظافرينا

ويغنى عن التوكيد بنوعيه -كما أسلفنا- وجود فاصل آخر أي فاصل بين المتعاطفين؛ كالضمير "ها" في قوله تعالى في المؤمنين الصالحين: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ} ... ومثل "لا" النافية


١ عند البصريين. أما الكوفيون. فلا يتمسكون بالفصل ولا يرون في خلو الكلام منه عينا ولا ضعفا.
٢ راجع حاشية التصريح ج٣ باب: العطف، عند الكلام على عود الخافض ...
٣ لا فرق في هذا بين أن يكون المعطوف اسما ظاهرا أو ضميرا.
٤ كلمة: "إخوان"، معطوفة على الفاعل المستتر وتقديره: "أنت". أما كلمة "أنت" ضمير المخاطب المذكور فتوكيد لفظي الفاعل المستتر؛ ولا يصح إعرابها فاعلا: لأن فعل الأمر الواحد لا يرفع ضميرا بارزا. ولا يصح إعرابها بدلا من الفاعل المستتر: لأن الضمير لا يبدل من الضمير -كما في ب من ص٦٨٣-.
وهناك إعراب آخر يفضله النحاة على هذا، وقد سبق في ص٥٦٤ حيث البيان والإيضاح، ويجيء أيضا في ص٦٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>