للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قوله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا} ، وقد اجتمع الفصل بالتوكيد اللفظي وبحرف النفي "لا" في قوله تعالى: {وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ} .

ومن غير المستحسن في النثر -مع جوازه- العطف على الضمير المستتر المرفوع بغير فاصل على الوجه السالف، نحو "قاوم ونظراؤك أعوان السوء"، فقد عطفت كلمة: "نظراء "على الفاعل الضمير المستتر: "أنت" بغير فاصل؛ ومنه العبارة المأثورة١: "مررت برجل سواء والعدم" أي: متساو هو والعدم، فكلمة، "سواء" اسم بمعنى المشتق، وهي متحتملة للضمير المرفوع. والعدم "بالرفع" معطوفة على الضمير المستتر بغير فاصل بينهما٢. أما الشعر فقد يجوز فيه عدم الفصل، اضطرارا؛ مراعاة لقيوده الكثيرة التي قد تقهر الشاعر على ترك الفصل ... ومن الأمثلة قول جرير يهجو الأخطل:

ورجا الأخطيل من سفاهة رأيه ... ما لم يكن وأب له لينالا

فقد عطف كلمة "أب" على اسم "يكن" المرفوع المستتر بغير فاصل بينهما٣.ومثله قول الآخر:

مضى وبنوه، وانفردت بمدحهم ... وألف إذا ما جمعت واحد فرد

فقد عطف كلمة: "بنوه" على الضمير المرفوع المستتر في: "مضى" بغير فاصل.


١ وقد رواها سيبويه.
٢ وهي مما استشهد به سيبويه على صحة ترك الفصل في النثر.
٣ وفيما سبق من العطف على الضمير المرفوع المتصل مع الفصل بين المتعاطفين يقول ابن مالك:
وإن على ضمير رفع متصل ... عطفت فافصل بالضمير المنفصل
أو فاصل ما. وبلا فصل يرد ... في النظم فاشيا. وضعفه اعتقد
وملخص البيتين: افصل بالضمير المنفصل بين المتعاطفين إذا كان المعطوف عليه ضميرا مرفوعا متصلا.
ولا يتعين أن يكون الفصل بالضمير وإنما يكفي الضمير أو غيره. ثم بين أن عدم الفصل فاش "أي: كثيرا في الشعر، وأنه مع كثرته ضعيف لا يقاس عليه.
لكن كيف يكون كثيرا وفاشيا والقياس عليه ضعيف؟ أن الكثرة تعارض الضعف؛ ولذا كان القياس هنا سائغا في الشعر بغير ضعف، خلافا لابن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>