للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانية: أن يكون المعطوف عليه ضميرا مجرورا بحرف أو بإضافة؛ فيستحسن عند أمن اللبس إعادة عامل الجر مع المعطوف، ليفصل بين المتعاطفين، فمثال المعطوف المجرور بحرف جر١ معاد: ما عليك وعلى أضرابك من سبيل أن أديتم الواجب. فكلمه: "أضراب" معطوفة على الضمير الكاف المجرور بالحرف: "على". وقد أعيد هذا الحرف مع المعطوف. والأصل ما عليك وأضرابك، ومثل هذا قوله تعالى عن نفسه: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ١ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} . فكلمة: "الأرض" معطوفة على الضمير: "ها" المجرور باللام، وقد أعيدت اللام مع المعطوف: والأصل: فقال لها والأرض. ومثله إعادة اللام في قول الشاعر:

فما لي وللأيام –لا دلا دلاها– ... تشرق بي طورا، وطورا٢ تغرب

ومثال إعادة عامل الجر وهو اسم مضاف٣ قوله تعالى: {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ} . فكلمة: "آباء" معطوفة في الأصل على الضمير المضاف إليه، وهو: "الكاف الأولى"، فأعيد المضاف وهو: "إله" وذكر قبل المعطوف. واصل الكلام: نعبد إلهك وآبائك ...

هذا هو الكثير. وترك الفصل جائز أيضا، ولكنه لا يبلغ في قوته وحسنه البلاغي درجة الكثير. ومن هذا قراءة قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} . والتقدير: الذي تساءلون به وبالأرحام. أي: تستعطفون به وباسمه، وبالأرحام؛ بعطف كلمة: "الأرحام" على الضمير المجرور بالباء. وكقول الشاعر:


"١، ١" الرأي المختار انه إذا أعيد عامل الجر فالمعطوف هو الجار والمجرور معا، وليس المجرور على المجرور، لئلا يلزم إلغاء عامل، أي: تركه زائدا مهملا، لا أثر له إلا مجرد الفصل. ومن الأمثلة -أيضا- لإعادة الجار في المعطوف، اللام في قوله تعالى: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} .
٢ سبق هذا البيت للمناسبة السالفة في ج٢ م٨٠ ص٢٤٦.
٣ إنما يعاد الحامل الاسمي "وهو المضاف" بشرط ألا توقع إعادته في لبس، فإن أوقعت في لبس لم يجز إعادته، نحو: جاءتني سيارتك وسيارة محمود، وأنت تريد سيارة واحدة مشتركة بينهما. وهذا المنع إذا لم توجد قرينة تزيل اللبس.

<<  <  ج: ص:  >  >>