للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفاعله. والتقدير: اسكن أنت، وليسكن زوجك١. والسبب في هذا أننا لو أعربنا كلمة: "زوج" معطوفة بالواو على الفاعل المستتر لفعل الأمر لكان العامل في المعطوف "زوج" هو العامل في المعطوف عليه، أي: في الفاعل الستر. فيكون الفعل: "اسكن" عاملا في فاعله، وفي كلمة: "زوج"، فهو الذي رفع كلمة "زوج" وهي بمنزلة الفاعل بسبب عطفها على الفاعل ويترتب على هذا أن يكون فاعل الأمر اسما ظاهرا مع أن نعل الأمر لا يرفع الظاهر.

هذا تعليلهم. وهو تعليل مرفوض، يعارضه ما يرددونه كثيرا من أنه: "قد يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع"، أو: "قد يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل". فإذا امتنع أن يقع الاسم الظاهر فاعلا لفعل الأمر مباشرة فلن يمتنع أن يكون المعطوف على هذا الفاعل اسما ظاهرا؛ لأنه تابع أو ثان ينطبق عليه ما سبق من التوسع والتيسير؛ فلا داعي للتكلف والتقدير ...

ومثال المعمول المنصوب قوله تعالى في أنصار الدين {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} ، ومعنى تبوءوا الدار أعدّوها للسكنى. وهذا المعنى مناسب للدار؛ لكنه غير مناسب للإيمان، إذ لا يقال على سبيل الحقيقة: هيئوا الإيمان للسكنى؛ ومن ثم أعربت كلمة: "الإيمان" مفعول لفعل محذوف تقديره: "ألفوا" وهذه الجملة الفعلية المحذوفة معطوفة بالواو على الجملة الفعلية التي قبلها. ومنه قول الشاعر:

إذا ما الغانيات برزن يوما ... وزججن الحواجب والعيونا

أي: وكحلن العيون؛ لأن التزجيج "وهو ترقيق الحاجب بأخذ بعض الشعر منه كي يصير منحنيا كالقوس" لا يصلح للعيون.

ومثال المعمول المجرور قولهم: ما كل سوداء فحمة، ولا بيضاء شحمة. فكلمة: "بيضاء مجرورة بمضاف محذوف معطوف على "كل" والأصل "ولا كل بيضاء شحمة". والداعي للتقدير هنا هو الفرار من العطف على معمولي عاملين مختلفين.


١ قد سبق "في رقم ٣ من هامش ص٥٦٤" إعرابه آخر لبعض النحاة، بمقتضاه تكون ... "زوجك" معطوفة على الضمير المستتر الفاعل. وانه لا يصح إعرابه بدلا من الفاعل المستتر، وتجيء له مناسبة في ص٦٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>