للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن النجوم نجوم الأفق أصغرها ... في العين أذهبها في الجو إصعادا

فكلمة: "نجوم" الثانية بدل كل من كل،. من الأولى؛ لأن المراد من نجوم الأفق هو عين المراد من كلمة: "نجوم" الأولى. ومثل هذا قول الآخر:

إن الأسود أسود الغاب همتها ... يوم الكريهة في المسلوب لا السلب١

وقد تقدم الارتباط بين بدل الكل وعطف البيان٢ ...

ثانيها: بدل بعض من كل، "أو: بدل جزء من كل". وضابطه: أن يكون البدل جزءا حقيقيا٣ من المبدل منه"سواء أكان هذا الجزء اكبر من باقي الأجزاء، أم أصغر منها، أم مساويا" وأن يصح الاستغناء عنه بالمبدل منه؛ فلا يفسد المعنى بحذفه ... ٤ نحو: أكلت

البطيخة ثلثها، والبرتقالة ثلثيها. ونحو: اعتنيت بوجه الطفل، عينيه. ونظفت فمه، أسنانه.

والأعم الأكثر إن يشتمل هذا البدل على رابط يربطه بالمتبوع، وأهم الروابط هو "الضمير"٥ فإن كان الرابط الضمير وجب أن يطابق المتبوع في الإفراد والتذكير وفروعهما٦ ... ومن الجائز -مع قلته- الاستغناء عن هذا الضمير في إحدى حالات ثلاث.


١ الغنيمة التي يأخذها الغالب من المغلوب.
٢ في ص٥٤٦.
٣ جزء الشيء هو الذي يدخل في تكوين هذا الشيء دخولا أساسيا، لا عرضيا، بحيث لا يوجد الكل كاملا بغير جزئه، كالرأس، أو العنق، أو: القلب، ... بالنسبة للإنسان، وكالعين، أو: الفم أو: الجبهة.. بالنسبة للوجه، وكالشفتين، أو: الأسنان ... بالنسبة للفم ... و ... أما الأمور العرضية والأوصاف الطارئة ... فكالعلم، أو الفهم، أو: البياض، أو: الحمرة. وبسبب الجزئية الأصيلة اختلف بدل "البعض" عن "بدل الاشتمال -كما سيجيء في ص٦٧٠.
٤ يشترط لصحة بدل البعض -كما يقول الصبان- صحة الاستغناء عنه بالمبدل منه فيصح جدع السارق أنفه، ولا يصح: قطع السارق أنفه؛ لأنه لا يقال: قطع السارق. على معنى قطع أنفسه، وإرادة هذا المعنى. فلا بد في البدل الجزئي من دلالة ما قبله دلالة إجمالية. يوضح هذا صاحب "الهمع" بأنه لو حذف البال لامكن الاهتداء إليه مما قبله من غير أن يختل الكلام بحذفه -وقد أشرنا لهذا ف: "و" من ص٦٧٨-.
٥ لأنه أقوى في الإيضاح، وكشف المراد، وإبعاد اللبس، وهذه أسمى خصائص اللغة.
٦ ولا فرق بين أن يتصل الضمير بالبدل مباشرة -كالأمثلة المتقدمة. وأن يتصل بلفظ آخر له صلة بالبدل؛ نحو: احتفيت بالفائزين؛ ثلاثة منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>