للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والاقتصار على ملاحظته في النية والتقدير١. وهذه الصورة الجائزة -لا الواجبة، كما أسلفنا٢- هي التي يكون فيها العامل حرفا من حروف الجر؛ كاللام الجارة في قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} ، وفي قوله تعالى: {رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} ومثل: "من" في قوله تعالى: {وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} ؛ فقد تكررت اللام وأعيدت صريحة في الآية الأولى " ... لكم، لمن ... "، وكذلك في الآية الثانية ".. لنا، لأولنا" كما تكررت "من" في الآية الثالثة "من المشركين من الذين ... " وهكذا ...

لكن ما إعراب حرف الجر المكرر؟ وما إعراب الاسم المجرور بعده؟ قيل: إن حرف

الجر المكرر أصلي، باق على عمله، وأنه هو الذي جر الاسم "بدلا" بعده. دون الحرف الأول المتقدم، ودون الحرف آخر مقدار، أو ملحوظ متخيل. بحجة أنه لا داعي للتقدير في هذه الصورة مع وجود عامل مذكور، منطوق به صراحة؛ فإن التخيل أو التقدير إنما يكون في غير هذه الصورة التي ظهر فيها بالعامل المتكرر، ووقع تحت الحس فلا يمكن إغفاله، ولا إنكار وجوده. ولا المطالبة بأن يكون العامل في المبدل منه هو العامل في البدل، إذ لا داعي للتمسك بهذا الحكم حين يكون العامل المتكرر جر, بعده البال مباشرة.

بقي الاعتراض بشيء آخر، هو أن حرف الجر الأصلي لا يجر البدل؛ لأن عمله مقصور على شيء واحد؛ هو جر الاسم جرا مجردا، لا يصح معه اعتبار ذلك الاسم المجرور بدلا أو غير بدل.

قد يندفع هذا الاعتراض بواحد من ثلاثة:

أولها: وهو أقوّاها وأحسنها صحة اعتبار المجرور في هذه الصورة وحدها "بدلًا"؛ بالرغم مما هو مقرر أن التوكيد اللفظي لا يؤثر في غيره، ولا


١ راجع حاشية ياسين على التصريح، بال البلد. عند الكلام على بدل الاشتمال.
٢ في رقم ٢ من هامش ص٦٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>