البدل -وهو مررت، أو الباء- وتسليطه على البدل مباشرة: مررت أبيه، بعدية الفعل اللازم، كما لا يقال مررت بأبيه، من غير مرجع للضمير.
ز- الأغلب أن البدل على نية تكرار العامل١، وليس على تكراره حقيقة. بيان هذا: أن
العامل في "البدل منه" هو العامل في "البدل" لكن هذا العامل المشترك بينهما واجب الإظهار والتلفظ به قبل المتبوع وحده. ولا يصح إعادته وتكراره ظاهرا صريحا قبل التابع. وإنما يكفي تخيل وجوده قبل البدل مباشرة. وملاحظة أنه موجود قبله في النية والتقدير؛ لا في الحقيقة والواقع. مع استقامة الأسلوب، وسلامة المعنى بغير حاجة إلى إعادته وتكراره صريحا ظاهرا في الكلام.
والسبب في منع التكرار الحقيقي -لا الخيالي- أنه يؤدي إلى تأثير العامل المتكرر في "البدل" تأثيرا جديدا يزحزه عن "البدلية" ويدخله في عداد معموات أخرى لا تصلح "بدل"؛ ففي مثل: نظف الرجل فمه أسنانه، يكون المبدل منه هو "الفم"، والبدل هو:"أسنان" وعاملهما هو: "نظف" المذكور صريحا قبل المتبوع. وتخيلا وتقديرًا -دون تكراره- قبل التابع، وعلى أساس هذا التخيل المجرد، والتقدير المحض يصح أن نفترض أن أصل الكلام هو: نظف الرجل فمه، نظف الرجل أسنانه. وهذا الافتراض لم يفسد المعنى ولا التركيب، إنما أدى إلى توضيح المراد: فلو اعتبرنا العامل الثاني، الملاحظ تخيلًا وتقديرًا -وهو هنا:"نظف"- عاملًا معادًا حقيقة، وتكرارا للأول لأدى هذا إلى أيجاد تركيب جديد، خال من البدل، ولوجب إعراب كلمة:"أسنان" شيئا آخر غير البدل؛ فتكون هنا على الاعتبار الجديد "مفعولا به"، ولا تصلح بدلا، ويترتب على هذا التغيير الإعرابي تغيير معنوي معروف ينشأ من الفرق المعنوي بين البدل، والمفعول به، إذ لكل منهما مهمة تختلف عن مهمة الآخر.
ويستثنى من الحكم السالف صورة يصح فيها الأمران؛ أما تكرار العامل تكرارا لفظيا، وإعادة التلفظ به مرة ثانية، وأما الاكتفاء بتخيل وجوده قبل البدل
١ سبق إيضاح المراد من أن البدل في حكم تكرار العامل، وأن المبدل منه في حكم المطروح "في رقم ١ من هامش ص٦٦٤. وله إشارة موجزة في ص٥٤٧".