للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الجائز أن تحذف "أل" من أوله، ويكثر هذا في الشعر، كقول القائل:

لا هم إن العبد يمـ ... ـنع رحله؛ فامنع رحالك

وقول الآخر١:

لا هم هب لي بيانا أستعين به ... على قضاء حقوق نام قاضيها

فتكون كلمة: "لاه" هي المنادي المبني على الضم٢ ...

ولا مانع أن يجيء بعد: "اللهم" صفة له؛ كقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} ويمنع هذا بعض النحاة؛ بحجة أن الأسماء الملازمة للنداء "ومنها: اللهم" ليست في حاجة إلى الفائدة التي يحققها النعت لغيرها، ويعرب الصفة إعرابيا آخر -كأن تكون نداء مستأنفا في الآية السالفة- والأنسب الأخذ بالإباحة٣ ...


١ هو: حافظ إبراهيم، في مطلع قصيدته المشهورة بالعمرية، في سيرة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.
٢ أما "ولاه" التي تتردد في النصوص القديمة كالتي في قول الشاعر:
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ... عني، ولا أنت دياني، فتخزوني
فأصلها "لله" حذفت من أولها لام الجر.
٣ هذا، وتستعمل صيغة: "اللهم" في النداء الحقيقي على الوجه السالف. وقد تستعمل قبل حرف من أحرف الجواب؛ لتفيد الجواب تقوية وتمكينا في نفس السامع، وتأكدا لمضمونه؛ كأنه يسأل سائل: أصحيح أن زكاة المال تقي صاحبها عوادي الأيام؟ فتجيب: اللهم، نعم، ومثل: أيخشى الحازم ركوب الأهوال لإدراك نبيل الأغراض؟ فتجيب؛ اللهم، لا. فكأنك تقول: والله، نعم، أو والله، لا، وقد تستعمل لإفادة الندرة، والدلالة على قلة الشيء أو بعد وقوعه وتحققه، كأن يقال: سأسافر لزيارة أخي. اللهم إذا أبى أن يجيء، وسأحدثه في شئونا الهامة، اللهم إذا لم يغضب، فمن النادر أو المستبعد أن يأبى الأخ زيارة خيه، أو الحديث معه.
وتعريف في الصورتين الأخيرتين -في الرأي الأنسب- كما تعرف في النداء الحقيقي. ولكن يزاد عند إعرابها: أن النداء غير حقيقي، وأنه خرج عن معناه الأصلي إلى معنى آخر؛ هو: تقوية الجواب وتمكينه وتأكيد مضمونة. أو إفادة الندرة والبعد ...

<<  <  ج: ص:  >  >>