ومن هذا النص الحرفي يتبين أن النصب هو الأصل، وأنه الأكثر في المسموع، وهذا هو الأهم. فلم نعدل عنه إلى غيره مما ليس له قوته، ولا كثرته، ولا وضوحه، وإن قال به قوم، أو اعتبروه عطف بيان، بلا رغم وضوح البدلية في المثال؟ ب- أما عطف النسق المجرد من "أل" فيقولون: إن حرف العطف معه بمنزلة عامل النداء فكأن حرف العطف داخل على منادى مستقل تجري عليه أحكام المستقل، فيبنى على الضم في مثل: بوركت يا أبا عبيدة وخالد؛ لأنه مفرد علم، وينصب في مثل: بوركتم يا جنود الفتح وأبا عبيدة، بنصب كلمة "أبا" معربة. فما معنى أن حرف العطف بمنزلة العامل؛ إن قلنا في كلمة: "خالد" إنها منادى، فليست إذا بمعطوفة؛ لأن العطف يقتضي نصبها. وإن قلنا نها معطوفة على ما قبلها فما قبلها منصوب. فمن أين جاء البناء على الضم؟ قد يقال: إنه على تقدير حرف النداء المحذوف: "يا" وحرف النداء مع المنادى جملة معطوفة على الجملة الندائية الأولى، فلم يعتبر التابع هنا منادى، مع أنه لو وصف بكلمة: "ابن" أو "ابنة" لم يعتبر ... ؟. وفي هذا كله من الحذف والتقدير والضعف من بعض النواحي ما يقتضي تفصيل الرأي الذي يبيح النصب، وهو رأي يؤيده السماع أيضا ... هذا إباحة النصب واستحسانه تشمل المبدوء بأل، والمجرد منها. غير أن الأفضل في المبدوء بأل أن يكون نصبه راجعا لاعتباره معطوفا على المنادى، أو لاعتباره مفعولا به لفعل محذوف، أو منصوبا بعامل آخر يقتضي النصب. ولا يصح اعتباره منادى بحرف نداء محذوف؛ لما يترتب على هذا من الجمع بين "أل" وحرف النداء في غير المواضع التي يباح فيها الجمع. "انظر ما يتصل بالحكم السابق، في رقم ٤ من ص٥٣". ١ لا يجوز عند أصحاب هذا الرأي، إلا الجر في التابع؛ لأن المتبوع -المنادى- مجرور اللفظ بحرف جر أصلي. وإذا كان المنادى المستغاث مختوما بزيادة ألف الاستغاثة، نحو: يا عليا، ومحمودا" لم يجز في توابعه الرفع عند فريق، فلا يصح: "ومحمود" لأن المتبوع مبني على الفتح، ويجوز عند فريق آخر الرفع والنصب؛ لاعتبار المنادى مبنيا على ضم مقدر، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة -في محل نصب؛ فيجوز في توابعه الرفع الشكلي والنصب. وهذا الرأي أوضح وأنسب. وسيجيء في ص٤٥ وفي باب الاستغاثة ص٨١.