نقل الأشموني -وغيره- أن كلمة: "أي" إذا نوديت كانت نكرة مقصودة مبنية على الضم وتلزمها "ها" التنبيه، وتؤنث أي "لفظا" لتأنيث صفتها؛ نحو: يا أيها الإنسان - يا أيها النفس ... ويلزم تابعها الرفع. وليس المراد بالرفع رفع الإعراب، وإنما المراد به ضمة الإتباع التي يقصد بها مجرد المشاكلة والمماثلة لحركة المتبوع. وهذه الضمة لا توصف بإعراب، ولا بناء -كما قرره الصبان، وبسطناه من قبل- وأجاز المازني "كما في رقم ٣ من هامش الصفحة السابقة" في هذا التابع نصبه، قياسا على غيره من تابع أنواع المنادى المبني على الضم ... ثم قال الأشموني: إنما لزم رفع التابع لأنه المقصود بالنداء، وقد جاءت "أي" وصلة ووسيلة لنداء ما فيه "أل". وهنا قال الصبان ما نصه الحرفي: "قوله: "إن المقصود بالنداء هو التابع" -ومع ذلك ينيغي ألا يكون محله نصبا؛ لأنه بحسب الصناعة ليس مفعولا به، بل تابع له. ويؤيد هذا قول ابن المصنف، وسيذكره الشارح "الأشموني" أيضا: إنه لو وصفت صفة "أي" تعين الرفع". ا. هـ. ومن الكلام السابق تبين صراحة أن التابع لا يكون هنا منصوبا مطلقا، لا لفظا، ولا محلا. لكن الصبان قال بعد ذلك كلاما قويا موافقا للضوابط والأصول العامة يعترض على ما سبق، ونصه: "أنا أقول: يرد عليه أن تابع ذي محل، له محل متبوعه. وحينئذ ينبغي أن يكون محل تابع "أي" نصبا، وأن يصح نصب نعته. ويؤيده ما قدمناه -قريبا قبل ذلك بصفحتين- عن الدماميني في: "يا زيد الظريف صاحب عمرو" أنه إ، قدر: "صاحب عمرو" نعتا للظريف، لفظ به كما يلفظ النعت؛ إن رفعا فرفع، وإن نصبا فنصب، على ما بيناه سابقا. اللهم إلا أن يكون منع نصب نعت تابع "أي" لعدم سماعه أصلا. "نعم يصح ما بحثه من أنه ليس لتابع "أي" محل نصب، ولا يجوز نصب نعته على اعتبار أن رفع التابع هو رفع إعراب، وأن عامله فعل مقدر مبني للمجهول، والتقدير: "يدعى العاقل" كما مر لكن ما بعد "أي" على هذا التقدير ليس تابعا لأي في الحقيقة، فلا يظهر حمل كلامه على هذا مع قوله: "إنه تابع له. فتأمل". ا. هـ. فالصبان يرى أن تابع "أي" لا بد أن يكون منصوبا محلا مثل المتبوع "أي" لأن كلمة "أي" مبنية على الضم في محل نصب" والشأن في التابع -دائما- أن يكون له محل كمحل المتبوع. وهذا كلام صحيح قوي لا يعترض الأخذ به إلا عام ورود السماع به، وللسماع الأهمية الأولى في انتزاع حكم لا يعتوره عيب أو ضعف ... من أجل ذلك كان الاقتصار على رأي الأشموني -ومن وافقه- أنسب؛ مبالغة في الاحتياط؛ لأنه رأي متفق عليه؛ إذ لا يعترض عليه الصبان -أو غيره- وإنما يرى الصبان أن يزيد عليه إباحة النصب المحلي، وهذه الإباحة قد أضعفها عدم ورود السماع بها.