فالصورة التي رسمها العقل هي صورة خيالية محضة، لا وجود لها في عالم الحس والواقع، على الرغم من أنه انتزع عناصر تكوينها من نماذج وأشياء محسوسة مشاهدة، يستقل كل منها بنفسه، وينفرد عن غيره، لكنها تشابه في صفات ذاتية مشتركة بين الجمع- كما سبق- وكل واحد من تلك النماذج والأشياء المتشابهة يسمى: "حقيقة" خارجية": لأنه المدلول الحسي، والمضمون الواقعي للحقيقة الذهنية، مع خروجه عن دائرة الذهن المجردة: بسبب وجوده فعلا في دائرة الحسن والمشاهدة، فكل واحدة من شجرة النخيل، أو البرتقال، أو الليمون، أو ... تصلح أن تكون المدلول الحسي المقصود من كلمة: "شجرة" التي هي حقيقة ذهنية وإن شئت فقل: إن كل واحد من تلك الأشياء يصلح أن يكون الحقيقة الخارجية التي هي مضمون الحقيقة الذهنية، ومدلولها المقصود، وأن الحقيقة الذهنية تنطبق في خارج الذهن على كل واحد من تلك الأشياء، وتصدق عليه. ومما سبق نعلم أن مجموع الصفات الذاتية المشتركة بين أفراد الحقيقة الخارجية هو الذي يكون الحقيقة الذهنية المحضة، وأن مدلول الحقيقة الذهنية المحضة ينطبق على كل فرد من أفراد الحقيقة الخارجية، ويصدق عليه، دون تخصيص فرد أو تعيينه، كما سيجيء في هذا الباب عند الكلام على "اسم الجنس" وعلم الجنس"، ص ٢٨٨.