للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتشتمل المتأخرة على "محذر منه" وبين الجملتين واو العطف؛ تعطف الجملة الثانية على الأولى؛ فيكون العطف عطف جمل، لا مفردات١ ...

النوع الخامس: صورة تشتمل على ذكر المحذر ضميرا منصوبا للمخاطب، هو: "إياك"٢ وفروعه. وبعده "المحذر منه"، اسما مسبوقا بالواو -دون غيرها- أو غير مسبوق بها، أو مجرورا بالحرف: "من". فلا بد في هذا النوع من ذكر "المحذر" ضميرا معينا، ثم "المحذر منه". فمثال المسبوق بالواو قول الأعرابية لابنها: "إياك والجود بدينك، والبخل بمالك ... ". وقولهم: إياكم والدين؛ فإنه هم بالليل، ومذلة بالنهار. ومثال غير المسبوق بها قولهم: "إياكم تحكيم الأهواء السيئة؛ فإن عاجلها ذميم، وآجلها وخيم. ومن أمات هواه أحيا كرامته". وقول الشاعر:

إياك إياك المراء٣؛ فإنه ... إلى الشر دعاء، وللشر جالب

ومثال المجرور بمن قولهم: "إياك من مؤاخاة الأحمق؛ فإنه يريد أن ينفعك فيضرك". وقولهم: "إياك من عزة الغضب الطائش؛ فإنها تفضي إلى ذلة الاعتذار المهين".

وحكم هذا النوع: وجوب ذكر المحذر منه بد الضمير "إياك" وفروعه، ووجوب نصب هذا الضمير٤؛ باعتباره مفعولا به لفعل واجب المحذف مع مرفوعه، وتقديره: "أحذر"، والأصل: "أحذرك". ثم أريد تقدير: "الكاف" لداع بلاغي؛ هو: "إفادة الحصر"؛ فمنع من تقديمها أنها ضمير متصل لا يستقل بنفسه، ولا يوجد إلا في ختام كلمة أخرى. فلم يكن بد -عند إرادة تقديمه- من الاستغناء عنه، والإتيان بضمير آخر منصوب، له معناه، ويمتاز بأنه يستقل


١ هناك تقديرات وإعرابات أخرى لا تسلم من تعقيد أو صعوبة. ولا حاجة لنا بها بعد أن تلاقت الآراء المختلفة عند وجوب نصب المتعاطفين، ووجوب حذف عامل النصب مع مرفوعه. أما الخلاف العنيف في غير هاتين الناحيتين فيريحنا منه الالتجاء إلى الطريقة التي تخيرناها.
٢ الأحسن اعتبار "إيا" ومعها علامة الخطاب التي بعدها، هما الضمير المنصوب، ولا داعي لاعتبار الضمير هو: "إيا"، واعتبار ما بعده حرف خطاب.
"وقد سبق إيضاح هذا وتفصيل الكلام عليه في موضعه من باب: "والضمير" ج١ ص١٦٣ م١٩".
٣ الطعن في كلام غيرك بقصد تكذيبه، وتحقيره.
٤ للحكم إيضاح يجيء في "د وهـ" من الزيادة والتفصيل ص١٣٤ و١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>