للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنفسه، وهو الضمير: "إياك" فصار الكلام: "إياك أحذر" ثم حذف الفعل والفاعل معا؛ مجاراة للمأثور من الكلام الفصيح الذي يطرد فيه هذا الحذف الواجب.

أما الاسم الظاهر المذكور بعد "إياك" وفروعها فإن سبقته واو العطف وجب نصبه بفعل محذوف مع مرفوعه وجوبا. والأحسن الأيسر -اختيار فعل خاص به يناسبه ويساير المقام، ويكون غير الفعل الناصب للضمير "إياك" فيجتمع في الأسلوب فعلان محذوفان مع مرفوعيهما. ففي المثالين السابقين١: "إياك والنمية"، "إياك والتعرض للعيوب ... " يكون التقدير؛ إياك أحذر، وأبغض النميمة، إياك أحذر، وأقبح التعرض للعيوب. بمعنى: أحذرك وأبغض ... وأقبح ...

ويصح أن يكون التقدير: إياك احفظ٢، واحذر النميمة، إياك احفظ٢، واترك التعرض للعيوب ... وهكذا من غير تقيد بشيء إلا نصب الاسم بعد الواو، واختيار فعل -أي فعل- يناسب المقام، ويساير الأسلوب الصحيح. وعلى هذا تكون الواو حرف عطف، والجملة بعدها معطوفة على الجملة التي قبلها، وبالرغم من حذف الفعل ومرفوعه في كل جملة؛ يراعى المحذوف هنا في العطف كأنه مذكور؛ ففي الأسلوب جملتان، الثانية منهما معطوفة بالواو على الأولى.

فإن لم تكن الواو مذكورة فالأسهل إعراب المنصوب بعدها مفعولا به للفعل: "أحذر" المحذوف؛ لأنه قد ينصب مفعولين بنفسه مباشرة. فأول المفعولين هو: "إياك" وفروعه، وثاني المفعولين هو الاسم الظاهر الواقع بعد الضمير "إياك"، وفروعه، أما إذا قلنا: "إياك من النميمة ... ". "إياك من التعرض للعيوب ... ". فإن الجار مع مجروره متعلقان بالفعل المحذوف وجوبا؛ وهو: "أحذر"؛ المحذوف؛ لأنه قد ينصب مفعولين بنفسه مباشرة. فأول المفعولين هو: "إياك وفروعه، وثاني المفعولين هو الاسم الظاهر الواقع بعد الضمير "إياك"، وفروعه، أما إذا قلنا: "إياك من النميمة ... ". "إياك من التعرض للعيوب ... ". فإن الجار مع مجروره متعلقان بالفعل المحذوف وجوبا. وهو: "أحذر"؛ لأنه قد يتعدى -أيضا-


١ في ص١٢٧.
٢ و٢ والأصل: احفظ نفسك واحذر النميمة، أو: باعد نفسك ... و ... حذف الفعل وفاعله فصار الكلام: نفسك واحذر النميمة، ثم حذف المضاف "نفس" وأقيم لمضاف إليه "وهو: الكاف" مقامه، فصار منصوبا مثله؛ وأتينا بدله بضمير منفصل؛ هو: "إياك"، للسبب الذي بيناه في الصفحة السالفة. ونعود فنكرر هنا ما رددناه -وما سيجيء "في" "ا" - ص١٣٣؛ وهو: أن تقدير الفعل المحذوف في جميع مسائل هذا الباب وغيره متروك للمتكلم يختاره بغير قيد، إلا قيد المناسبة للسياق، ومسايرته للتركيب الصحيح. ومن المسايرة للتركيب الصحيح ألا تعطف الجملة الثانية على الأول إذا كانت إحداهما خبرا والأخرى إنشاء، طبقا للرأي الأقوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>