ومن ذلك: "عريب" و "ديار" تقول: ما في البيت أحد، وعريب، أو ديار. ومعنى الجمع: ما في البيت أحد، كما سيجيء في ص٥٨٨ فهي كلمات لا تستعمل إلا بعد نفي في الأغلب، وهي متوغلة في الإبهام، فلا تكون معرفة ولا تقبل "أل" التي للتعريف، ولها واقعة موقع ما يقبلها، وهو: إنسان، مثلًا ... وكذا "من" و "ما، إذا كانا بمعنى: "شيء، أي شيء" سواء أكان ذلك الشيء إنسانًا أم غير إنسان، تقول: سافرت إلى من مسرور بك، أي: إلى إنسان مسرور بك ولعبت بما مفيد لي. أي: بشيء مفيد لي، فكلمة، "من" و "ما" وأشباههما- نكرات، لأنها لا تقبل أل، ولكنها واقعة موقع ما يقبلها، وهو هنا: إنسان، وشيء. والدليل على أن الكلمات الثلاث نكرات، وقوع كل منها موصوفة للنكرة في الأمثلة السابقة. وقد تكون "من" و "ما" أداتين للشرط، مثل: من يتقن عمله يدرك غايته. وما تفعل من خير يرجع إليك أثره. ومعناهما كل إنسان يتقن ... وكل شيء تفعله ... وقد يكونان للاستفهام، مثل: من حضر؟ وما رأيك؟ ومعناهما: أي إنسان حضر؟ وأي شيء رأيك؟ فالأصل في أسماء الشرط والاستفهام أن تقع موقع ذات، أو زمان، أو مكان، أما تضمنهما الشرط أو الاستفهام فأمر زائد على أصل وضعهما. كما سبق في ص ٨٩ عند الكلام على الحروف. ومن تلك الكلمات أيضا أسماء الأفعال النكرات، مثل: "صه بالتنوين، فإنه واقع موقع "سكونا" أي: موقع: المصدر الدال على الأمر، أو موقع: اسكت، الدال على ذلك المصدر ... ٢ على الرغم من أن النحاة ارتضوا هذه العلامة فإن المحققين منهم انتهوا بعد مناقشات طويلة إلى أنها ليست صالحة أحيانًا لتحقيق الغرض منها، وبأن العلامة الوافية بالغرض هي استقصاء المعارف، وما يكون خارجًا من دائرتها فهو النكرة حقًّا؛ لأن الوصول إلى النكرة من غير هذا الطريق غير مضمون فوق ما فيه من عسر وتكلف.