للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجرد الصوت، ولم تخرج من هذه الدلالة إلى تأدية معنى آخر. وما كان مسموعا عن العرب يجب إبقاؤه على صيغته، وحالته الواردة عنهم من غير إدخال تغيير عليه في عدد حروفه، أو في نوعها، أو ترتيبها، أو ضبطها، أو علامة بنائها.. كالأمثلة السالفة. أما المستحدث بعدهم فيلازم ما شاع فيه؛ لأن إنشاء الأصوات واستحداثها -جائز في كل عصر١، ويجري على الجديد المستحدث ما يجري من الأحكام على المسموع الوارد عن العرب؛ فيعتبر اسما واجب البناء بالعلامة التي يشيع بها النطق في عصره، وتسري عليه بقية الأحكام الأخرى الخاصة بأسماء الأصوات.

لكن هناك حالتان؛ إحداهما: يجب٢ فيها إعراب أسماء الأصوات بنوعيها المسموعة عن العرب، والموضوعة المستحدثة بعدهم. والأخرى: يجوز فيها الإعراب والبناء.

أ- فيجب٢ إعرابها إذا خرجت عن معانيها الأصلية التي هي الصوت المحض، وصارت اسما متمكنا يراد به: إما صاحب الصوت؛ الذي يصدر عنه الصوت والصياح مباشرة، وينسبان له أصالة دون غيره. وإما شيء آخر ليس هو الصاحب الأصيل للصوت، وإنما يوجه له الصوت والصياح توجيها يقصد منه الزجر، أو التهديد أو غيرهما ...

فمثال الأول: أزعجنا غاق الأسود، وفزعنا من غاق الأسود ... ، فكلمة: "غاق"، بالتنوين، لا يراد منها هنا أصلها، وهو: صوت الغراب، وإنما يراد


= وهذه الألفاظ لا تدل على معنى مفهوم؛ لأنها توجه إلى من لا يفهم، ويخاطب بها غير العاقل. وقد دفع هذا الاعتراض بأن المقصود بدلالة الاسم على معنى مفرد مفهوم أنه إذا أطلق فهم منه العالم بالوضع اللغوي معناه. وهذا ينطبق على أسماء الأصوات. فليس الشرط في الاسم أن يخاطب به من يعقل ليفهم معناه. وقيل إنها ملحقة بالأسماء وليست أسماء ... ولا أهمية للخلاف؛ إذ الأهمية لأحكامها الآتية.
ويقولون إن سبب بنائها هو: شبهها الحروف المهملة "مثل: لا، وما، النافيتين" في أنها غير عاملة، ولا معمولة. والسبب الحق هو: مجرد استعمال العرب الأوائل -كما كررنا.
١ ومنها أصوات الحيوانات والطيور التي لم يعرفها العرب، والأصوات التي وجدت بعدهم؛ كأصوات السيارات، والطيارات، والبواخر، والآلات المختلفة، ما جد منها وما سيجد.
٢ و٢ تبعا للأغلب -كما سيجيء في الهامش التالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>