للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها اسم يدل على صاحب هذا الصوت نفسه؛ أي: على الذي ينسب له الصوت ويشتهر به، وهو: "الغراب" ذاته، لا صوته الصادر منه. فالغراب هو المسمى، و"غاق" في الجملتين اسم معرب متمكن، فاعل في الجملة الأولى، ومجرور "بمن" في الجملة الثانية.

ومثل: ما أقسى قبا. فكلمة: "قبا" -بالتنوين- اسم معرب متمكن منصوب في هذه الجملة؛ لأن المراد بها هنا: "السيف" نفسه، مع أنها في الأصل اسم صوت للسيف، مبنية على السكون، ولا تنون. لكنها اسما لصوته، مبنية غير منونه. فالمراد في الأمثلة السابقة ونظائرها هو: أزعجنا الغراب -فزعنا من الغراب- ما أقسى السيف.

ومثال الثاني: أردت هالا السريع؛ فصادفت عدسا الضخم. وأصل كلمة: "هال" اسم صوت صادر من الإنسان، يوجه إلى الفرس لزجره. وأصل كلمة: "عدس" اسم صوت صادر من الإنسان يوجه إلى البغل لزجره، فكلتا الكلمتين تركت هنا أصلها، والبناء، وصارت اسما معربا مرادا منه الحيوان الأعجم -وشبهه- مما لا يصدر عنه ذلك الصوت، إنما يوجه إليه من غيره١.

ب- ويجوز إعرابها وبناؤها إذا قصد لفظها نصا؛ مثل: فلان لا يرعوي إلا بالزجر؛ كالبغل لا يرعوي إلا إذا سمع: "عدس" أو: "عدسا" بالبناء على السكون، أو بالإعراب، والمراد: إلا إذا سمع هذه الكلمة نفسها.

٣- أنها -في أصلها- أسماء منفردة، مهملة. والمراد من انفرادها: أنها لا تحمل ضميرا، وهذا نوع من أنواع الاختلاف بينهما وبين أسماء الأفعال. والمراد من إهمالها أنها لا تتأثر بالعوامل المختلفة ولا تؤثر في غيرها، فلا تكون مبتدأ، ولا خبرا، ولا فعلا، ولا فاعلا، ولا مفعولا ... ولا شيئا آخر يكون عاملا أو معمولا -إلا في الحالتين السالفتين: "أ، ب، بصورهما الثلاث". ومن ثم


١ بعض النحاة يجيز بناءها في الصور السالفة مراعاة لأصلها. ولكن الإعراب أوضح وأقدر على أداء المعنى؛ فيحسن الاقتصار عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>