للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول الآخر:

يمينا لأبغض كل امرئ ... يزخرف قولا، ولا يفعل

لأن المعنى هنا على الحالية، ولأن لام جواب القسم الداخلة على المضارع تخلص زمنه للحال -عند فريق من النحاة-١ ونون التوكيد تخلصه للمستقبل؛ فيتعارضان.

ومن الصور الممنوعة أيضا أن يكون في تلك الحالة السالفة مفصولا من لازم الجواب، إما بمعموله، وإما بغيره؛ كقد، أو سوف، أو السين ... ؛ نحو: والله لغرضكم تدركون بالسعي الدائب، والعمل الحميد. ومثل: والله لقد تنالون رضا الناس بحسن معاملتهم. ونحو قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} والأصل: والله لسوف ...

الثالثة: أن يكون توكيده هو الكثير المستحسن؛ لكنه -مع كثرته واستحسانه- لا يبلغ درجة الواجب. وأمارته: أن يكون المضارع فعل شرط للأداة: "إن" الشرطية المدغم فيها "ما" الزائدة للتوكيد "أي: إما"، أو: يكون مسبوقا بأداة طلب تفيد الأمر، أو النهي، أو الدعاء؛ أو العرض٢، أو التحضيض، أو التمني، أو الاستفهام ...

فمثال المضارع المسبوق "بإما": إما تحذرن من العدو تأمن أذاه، وإما تهملن الحذر تتعرض للخطر. والأصل: إن تحذر ... وإن تهمل ... زيدت "ما" على "إن" الجازمة، وأدغمت فيها، ولا يحسن في النثر ترك هذا


١ غير البصريين -كما أشرنا في رقم ٤ من هامش ص١٧١- ومعلوم أن الذي يعين المضارع للحال أمور؛ منها: كلمة: الآن، أو: الساعة ... ، ومنها: النفي بليس، ومنها: لام الابتداء ... ، إلى غير هذا مما سردناه في موضعه الأنسب "ج١ ص٣٦ م٤" فمن يريد الدلالة على الحال بغير لام القسم في مثل البيتين السالفين فله وسائل؛ منها: أن يقول في النثر: ليعلم الآن. ويمينا لأبغض الساعة.
٢ العرض: طلب فيه لين ورفق "ويظهران في اختيار الكلمات الرقيقة، وفي نبرات الصوت" والتخصيص: طلب فيه عنف وشدة "ويظهران في اختيار الكلمات الجزلة، والضخمة، وفي النبرات القوية العنيفة". والأداة الغالبة في العرض هي: "ألا" المخففة. وقد تستعمل قليلا للتحضيض. وأدواته الغالبة هي: لولا، لوما، هلا، ألا، وسيجيء الكلام على هذه الأدوات في بابها الخاص -ص٥١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>