للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلها، فهي مثبتة، مستقبلة الزمن١، وقبلها قسم وقعت في جوابه، مصدرة بلام الجواب، بغير فاصل بينهما.

فإذا فقد بعض الشروط نشأت صورة جديدة قد يمتنع فيها توكيده، وقد يصح إذا انطبقت عليها أوصاف المنع أو أوصاف الجواز التالية:

فمن الصور التي يمتنع فيها توكيد المضارع بالنون أن يفقد شرط الثبوت في الحالة السالفة فيكون منفيا، إما لفظا: نحو: إن دعيت للشهادة فوالله لا أكتم الحق، وإما تقديرا، نحو: قوله تعالى: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} أي: لا تفتأ، لأن حذف "لا" النافية كثير في جواب القسم عند أمن اللبس٢.

ومن الصور التي يمتنع فيها توكيدا أيضا أن يفقد شرط الاستقبال في تلك الحالة أيضا؛ فيكون زمنه للحال بقرينة تدل على هذا، كقول الشاعر:

لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم ... ليعلم ربي أن بيتي واسع


١ لأن نون التوكيد تخلص زمن المضارع للمستقبل، ولا علامة أو قرينة هنا تمنع تجرده للاستقبال "كما أوضحنا في ص ١٦٨، وفي ج١ ص٥٩ م٤".
٢ تحذف العرب -أحيانا- "لا" النافية في جواب القسم، مع ملاحظتها وتقديرها في المعنى؛ لأن اللبس عندئذ بين المنفى والموجب مأمون؛ إذ لو كان الجواب غير منفي في المعنى والتقدير لوجب أن يكون المضارع مؤكدا باللام والنون معا، جريا على الأغلب في جواب القسم عند البصريين، وبأحدهما عند -أكثر الكوفيين- ومن أمثلة حذف "لا" النافية في الآية السالفة: "تالله تفتأ تذكر يوسف" أي: لا تفتأ ما جاء في أمالي أبي القاسم الزجاجي -ص٥٠- في بيت ليلى الأخيلية ترثي توبة:
فأقسمت أبكي بعد توبة هالكا ... وأحفل من دارت عليه الدوائر
أي: لا أبكي ولا أحفل؛ فقد جاء ما نصه: "تريد: لا أبكي ... والعرب تضمر "لا النافية" في جواب القسم مع ملاحظتها في المعنى؛ لأن الفرق بينه وبين الموجب قد وقع بلزوم الموجب اللام والنون: كقولك: والله لأخرجن. قال الله عز وجل: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} أي: لا تفتأ تذكر يوسف". ا. هـ.
وقال الشاعر:
فقلت يمين الله أبرح قاعدا ... ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
أي: لا أبرح ...
وقد ذكرنا ما تقدم بمناسبة أخرى في الجزء الأول عند الكلام على: "فتئ" م٤٢ ص٥١٠ وفي الجزء الثاني م٩٠ ص٣٨٣ بمناسبة الكلام على أحرف القسم وجوابها.

<<  <  ج: ص:  >  >>