للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يرقى في قوته مرقى النوعين السالفين. وعلامته: أن يكون بعد "لا" النافية كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} ١، أو بعد: "ما" الزائدة التي لم تدغم في "إن" الشرطية؛ كقولهم في المثل: بعين ما رأينك٢، وقول الشاعر في المال:

قليلا به٣، ما يحمدنك وارث ... إذا نال مما كنت تجمع مغنما

ويدخل في هذا "ما" الزائدة بعد "رب"؛ نحو: ربما يقبلن الخير وراء المكروه٤، أو بعد: "لم"٥ كقول الشاعر:

من جحد الفضل ولم يذكرن ... بالحمد مسديه فقد أجرما

أو بعد أداة شرط غير "إن" المدغمة في: "ما" الزائدة، كقول الشاعر:

من تثققن٦ منهم فليس بآيب ... أبدا، وقتل بني قتيبة شافي

٤- عدم تقديم معمول فعلها على هذا الفعل٧ إلا إن كان المعمول شبه


١ وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُْ لَا يَشْعُرُونَ} .
٢ هذا مثل قديم تقوله لمن يخفي عنك أمرا أنت به بصير، تريد: إني أراك بعين بصيرة. "فا" زائدة. وجاء في الأساس ما معناه: أنك تقول هذا لمن أرسلته واستعجلته؛ فكأنك تقول له: لا تلو على شيء فإني أنظر إليك، أي: لا تقف، ولا تنتظر. وفي هذا المثل تأييد للحكم بصحة تقديم شبه الجملة على متعلقه الفعل المؤكد بالنون -كما سيجيء في الحكم الرابع.
٣ الضمير عائد على المال في بيت قبله هو:
أهن للذي تهوى التلاد؛ فإنه ... إذا مت كان المال نهبا مقسما
و"قليلا" نعت لمصدر محذوف، والتقدير: حمدا قليلا يحمدنك وارث.. وفي البيت شاهد آخر يحكم عليه بالضعف هو تقديم كلمة "قليلا" النعت مع منعوته المحذوف، مع أنهما معمولان للمضارع المؤكد بالنون وليسا شبه جملة -إذ شبه الجملة هو الذي قد يباح تقديمه- كما في رقم٢ من هذا الهامش، وكما سيجيء في الحكم الرابع.
٤ منع بعض النحاة التوكيد بالنون بعد: "ربما" بحجة أنها لا تدخل على الزمن المستقبل أو ما هو في حكمه. ويرى سيبويه صحة هذا التوكيد، بحجة وروده في المأثور.
وقد يكون الأفضل الأخذ بالرأي الأول ليكون حكم "رب" مطردا.
٥ انظر "ا" من الزيادة والتفصيل، ص١٧٧، حيث الرأي المعارض، ولعله أنسب.
٦ تصادف وتقابل.
٧ لأن فعلها لا يعمل فيما قبله؛ وهو لذلك لا يفسر عاملا محذوفا قبله. أما تعلق شبه الجملة، إذا كان متقدما على هذا الفعل فالشائع أنه لا يجوز، وهناك رأي آخر يجيزه -طبقا للبيان الذي سبق "في رقم ٢ و٣ من الهامش السابق وكما في هامش ص١٠٠ طبعة٣ ج٢ م٦٧- باب النائب عن الفاعل" واعتمادا على بعض الشواهد التي تؤيده، ومنها ما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>