للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

"أن" فمجرد أداة، أو آله، أو رمز، ففي الكلام مجاز مرسل، علاقته الآلية".

فإذا استوفت الشروط الثلاثة كانت مفسرة لمفعول الفعل الذي قبلها؛ إن كان متعديا، سواء أكان المفعول ظاهرا أم مقدرا. فالظاهر كالذي في قوله تعالى، يخاطب موسى: {إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى، أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} فـ"ما يوحى" هو عين "اقذفيه في اليم" معنى ... ، والمقدر كالذي في قوله تعالى١ في قصة نوح: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} على تقدير: أوحينا إليه شيئا؛ هو: اصنع.

ويصح أن تكون "أن" هنا زائدة، والمعنى٢: أوحينا إليه لفظ: "اصنع".

وإن لم يكن الفعل متعديا فالجملة التفسيرية لا محل لها -كما سيجيء.

فإن لم يسبقها جملة كاملة كانت -في الغالب- مخففة من الثقيلة؛ كالتي في قوله تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} لأن ما قبلها مبتدأ لا خبر له إلا "أن" وما دخلت عليه. وهذا ينافي التفسيرية؛ لأنها لمحض التفسير -لا للتكميل- فتقتضي أن يكون قبلها جملة تامة؛ كما سلف٣.

وإن كان قبلها جملة تامة ولكنها مشتملة على حروف القول وجب اعتبار "أن" زائدة لا مفسرة؛ نحو: قلت له: أن افعل٤ -كما سبق٥ عند الكلام على "أن" الزائدة.


١ في سورة: "المؤمنون" "وستعاد الآية لمناسبة أخرى في ص٢٩٧".
٢ انظر ص٢٩٧.
٣ في: ح من ص٢٩١.
٤ جاء في حاشية الصبان في هذا الموضع عند الكلام على "أن" الناصبة للمضارع ما نصه: "قلت له: أن افعل -ليست مفسرة؛ لوجود حروف القول- ولا يقال مثل هذا التركيب، لعدم وجوده في كلامهم؛ لأن الجملة تقع مفعولا لصريح القول "يريد: من غير أن" وعلى تسليم أنه يقال لا تجعل "أن" فيه تفسيرية، بل زائدة. وجوز الزمخشري في قوله تعالى: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} اعتبار "أن" مفسرة على تأويل: "قلت" بأمرت. واستحسنه في المغني. قال: وعلى هذا فمعنى شرطهم ألا يكون في الجملة التي قبلها حروف القول، أي: باقيا -على حقيقة، غير مؤول بغيره". ا. هـ. هذا، وفي الصفحة التالية ما يتمم الموضوع، ويزيده بيانا.
٥ في ص٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>