للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- عدم الفصل بينه وبين مضارعه، إلا للضرورة الشعرية؛ كالتي في قول القائل:

لن -ما رأيت أبا يزيد مقاتلا- ... أدع القتال وأشهد١ الهيجاء

والأصل: لن أدع القتال ... ما رأيت أبا يزيد ... وأجاز بعضهم الفصل بالظرف أو بالجار والمجرور؛ لأن شبه الجملة يتوسع فيه ...

٤- أنه قد يتضمن مع النفي الدعاء أحيانا؛ كقول الشاعر:

لن تزالوا كذلكم؛ ثم لازلـ ... ـت لكم خالدا خلود الجبال

ومنه قوله تعالى على لسان موسى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} لأن أدب المتكلم مع ربه، وجهله بالغيب؛ يقتضيان أن يكون الكلام متضمنا الدعاء، لا النفي القاطع لأمر يكون في المستقبل، لا يدري المتكلم عنه شيئا؛ فكيف يقطع فيه برأي حاسم، وأنه سيظل خالدا لأعدائه خلود الجبال؟

٥- أنه -بمعناه السابق- حرف جزم عند بعض العرب القدامى٢؛ فيقول قائلهم: لن أنطق لغوا، ولن أشهد زورا ... ، بجزم الفعلين. وليست من المناصب اليوم محاكاة هذة اللغة؛ حرصا على الإبانة، وإبعاد للخلط واللبس.

الثالث: كي

وهو حرف متعدد الأنواع؛ يعنينا منها: النوع المصدري المحض، المختص بالدخول على المضارع، وبنصبه وجوبا بنفسه مباشرة، لا "بأن" المضمرة وجوبا كما يرى بعض النحاة.


١ المضارع: "أشهد"، إما مرفوع على الاستئناف. وإما منصوب بأن المضمرة جوازا لعطفه على اسم صريح؛ هو المصدر: "قتال" -طبقا للقاعدة الخاصة بهذا، وقد سبقت في ص٢٨٧- والتقدير: لن أدع القتال، وأن أشهد الهيجاء. أي: لن أدع القتال، وشهود الهيجاء ... ولا يجوز عطف "أشهد" على المضارع المنصوب قبلها؛ وهو: "أدع" لئلا يفسد المعنى؛ إذ يكون المعطوف منفيا كالمعطوف عليه، فيكون التقدير: لن أدع القتال، ولن أشهد الهيجاء. وهذا غير المراد.
٢ جاء هذا الحكم في كثير من المراجع النحوية بصيغة تدل على الشك في صحته؛ بدليل أن "المعنى والأسموز" اشتركا في النص الآتي: "وزعم بعضهم أنها قد تجزم". ا. هـ. وبدليل عبارة "الخضري" ونصها: "قبل: والجزم بها لغة" وساقت المراجع السالفة بين استشهادا للجزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>