للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع: إذن".

الكلام على هذه الأداة يتركز في أربعة أمور: مادتها١ -معناها، أحكامها، كتابتها.

أ- فأما مادتها فكلمة واحدة "بسيطة"، ثلاثية الحروف الهجائية، وليست مركبة من كلمتين، هما: "إذ" و"أن"، ولا من غيرها مما يتوهمه القائلون بتركيبها، وبأنها تحولت من أصلها المركب إلى أصلها الحالي٢ ...

ب- وأما معناها: فالدلالة على أمرين؛ هما: "الجواب" -وهذا يلازمها دائما في كل استعمالاتها- "والجزاء"، وهذا يلازمها في الأغلب. والمراد من دلالتها على الجواب: وقوعها في كلام يكون مترتبا على كلام قبله، ترتب الجواب على السؤال؛ سواء أكان الكلام السابق مشتملا على استفهام مذكور، أم غير مشتمل عليه، ولكنه بمنزلة الملحوظ. فليس من اللازم أن يكون السابق مشتملا على استفهام صريح يحتاج إلى جواب، وإنما اللازم أن يترتب ويتوقف عليه كلام يجيء بعده في الجملة المشتملة على "إذن". ومن الأمثلة قول الصديق لصديقه: "سأغضي عن هفوتك". فيقول الآخر: "إذن أعتذر عنها. مخلصا شاكرا". فهذه الجملة الثانية ليست ردا على سؤال سابق مذكور، وإنما هي بمثابة جواب عن سؤال خيالي، ناشئ من الجملة الأولى؛ تقديره: -مثلا- ما رأيك؟ أو ماذا تفعل؟ أو نحو لك ... أي: أن هذه الجملة المشتملة على: "إذن" جملة مترتبة على كلام سابق خال هنا من الاستفهام الصريح -دون الملحوظ- وخال من طلب الجواب، ولكنها بمنزلة الجواب عن سؤال ذهني تولد من الأولى. وكلمة: "إذن" في الجملة الثانية بمثابة الرمز الذي يحمل إلى الذين سريعا الدلالة على أن الثانية تشتمل على الإجابة.

ومثال اشتمال الكلام السابق على استفهام مذكور قول القائل: ماذا تفعل


١ أي: صيغتها -تكوينها اللفظي.
٢ وقد انطوت بطون المراجع على أنواع من دعاوى التركيب، يرفضها العقل؛ لحرمانها الدليل على صحتها، أو على العرب بشيء منها. ولا داعي للإثقال بعرضها هنا. والواجب تناسيها؛ كأن لم تكن. ومن شاء الاطلاع على شيء منها فأمامه المطولات. كحاشية الصبان، وشرح المفصل، وشروح سيبويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>