للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو صادفت بائسا؟ فتجيب: إذن أبذل طاقتي في تخفيفي بؤسه. فهذه الجملة جواب عن الاستفهام المذكور في سابقتها. ووجود كلمة: "إذن" رمز يوحي أن الإجابة مذكورة في هذه الجملة.

ولا فرق في وقوعها دالة على الجواب بين أن تكون أول جملتها، ووسطها، وآخرها، غير أنها لا تنصب المضارع إلا كانت في صدر جملتها؛ -كما سيجيء- تقول: في المثال الأول: "إذن أعتذر لك مخلصا"، أو: "أعتذر -إذًا- لك مخلصا" أو: "أعتذر لك مخلصا -إذًا".

والمراد من أنها للجزاء -غالبا- دلالتها على أن الجملة التي تحتويها تكون في الغالب مسببة عما قبلها، وتعد أثرا من آثاره؛ توجد بوجوده، وترتبط به عادة، كالمثالين السالفين، وفيهما تبدر السببية واضحة بين الاعتذار والإغضاء عن الهفوة، وكذلك بين التخفيف عن البائس ومصادفته، فكأن المجيب يقول: إن كان الأمر كما ذكرت فإني أعتذر ... أو: إني أبذل طاقتي، أي: فالجزاء ... ١ فإن لم يوجد بين الجملتين جزاء لم يصح -في الغالب- مجيء "إذن"؛ كأن يقول الصديق: سأغضي عن الهفوة؛ فتجيب: إذا ينزل المطر، وكأن يقول قائل: سأقرأ الصحف: فيجاب: إذا تغرب الشمس؛ إلا ذ علاقة ولا ارتباط بين المعنى في الجملتين؛ فالكلام لغو.

وإنما كانت دلالتها على "الجزاء" غالبية؛ لأنها -أحيانا قليلة- لا تدل عليه إذا استغنى المقام عنه، فتتمحض للجواب وحده، كأن يقول الشرك لشريكه: أنا حبك. فيجيب: إذا أظنك صادقا؛ لأن الصدق لا يصلح هنا جزاء مناسبا للمحبة٢، وأيضا فهذا الظن حالي الزمن، والجزاء لا يكون إلا مستقبلا. وبسبب الحالية في هذا المثال لم تنصب المضارع.

ح- وأما عملها فنصب المضارع بنفسها مباشرة، وتخليص زمنه للاستقبال؛


١ راجع شرح المفصل في الكلام على "إذن" "ج٧ ص١٥ وح٩ ص١٤".
٢ فدلالتها الحتمية على الجواب لا تقتضي دلالة حتمية على الجزاء، فمن الممكن الاستغناء عن ذكره في بعض الحالات؛ إذ ليس من اللازم أن يكون الجواب عن شيء مسببا عن ذلك الشيء، ومعلولا له.

<<  <  ج: ص:  >  >>