للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإن شئت فقل: هما متعلقان بالفعل المنفي: "صلى" فهما قيد له، وصار بهما مقيدا، فالصلاة المنفية هي الصلاة المقيدة، بأنها للنفاق، وليست مطلق صلاة. أما الصلاة المطلقة التي لست للنفاق فمسكوت عنها، لا يفهم أمرها ولا الحكم عليها من هذا التركيب؛ فقد تكون موجودة أو لا تكون ... وتوجيهها لأحد الأمرين يحتاج إلى قرينة أخرى خارجة تعينها لهذا أو لذاك، والقيد في الحالين منفي حتما ... ١.

وإذ كان الفعل المنفي قبل اللام فعل "كون" غير ناقص لم يصح اعتبارها لام جحود، ووجب توجيهها لشيء آخر، ويكثر أن يكون هو: "العليل" أيضا على الوجه السالف؛ نحو: ما كان الحاكم ليظلم؛ بمعنى: ما وجد الحاكم ليظلم. فالشأن في "كان" هنا كالشأن في كل فعل غير ناسخ يحل محلها من ناحية أن الجار والمجرور منفيان حتما، ويتعلقان به، فيصير مقيدا بهما؛ ويصير معناه بسبب النفي الواقع عليه غير مطلق، وإنما هو مقيد بحالة معينة دون غيرها أما غيرها فمسكوت عنه يحتاج لقرينة خارجة عن الجملة، تبين أمره نفيا وعدم نفي، والقيد "الجار والمجرور المتعلقان به" منفي حتما فكأن الناطق بهذا المثال يقول: ما كان الحاكم "أي: ما وجد وظهر الحاكم" الذي يكون سبب وجوده، وعلة ظهوره: الظلمز فسبب الوجود وعلته هو: الظلم، والظلم منفي، فالمسبب عنه منفي لا محالة أو الجار والمجرور متعلقان بالفعل، فهما قيد له.... و.....

وفي هذا المثال لا يصح اعتبار اللام "للجحود"؛ لأن هذا يؤدي إلى مخالفا الواقع الذي يدل على أن كثيرا من الحكام ظالمون.

ومن الأمثلة السالفة وأشباهها يتبين أن النفي قبل لام التعليل ينصب على الفعل الذي قبلها في حالة واحدة؛ هي التي يكون فيها مقيدا بهذه اللام الجارة ومجرورها، وليس مطلقا من التقييد، وأن هذا النفي ينصب على ما بعدها دائما "أي: على القيد".

فإذا كان الفعل غير مسبوق بنفي لم تكن اللام للجحود.

وإذا كان الفعل ناسخا غير "كون" لم تصلح اللام للجحود -كما تقدم-٢


١ انظر رقم ٤ من الهامش السابق.
٢ في ص٣٢٠:

<<  <  ج: ص:  >  >>