للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الأول: أن يكون زمن المضارع للحال حقيقة أو تأويلا، والحال الحقيقية -كما سلف-١ هي التي يقع فيها الكلام؛ فزمنها زمن النطق بالكلام المشتمل على "حتى". أي: أن الزمن الذي يحصل فيه الكلام هو نفسه الزمن الذي يجري فيه -أول مرة-٢ معنى المضارع التالي لها. فلا بد أن تجمع الحال الحقيقية بين الأمرين؛ وهما: الكلام المشتمل على "حتى"، وحصول معنى المضارع الذي يتلوها؛ بحيث يتكلم الناطق بها وبجملتها في وقت تحقق معنى المضارع وحصوله أول مرة؛ نحو: "ينساب هذا الماء بين الزروع حتى تشرب" فالشرب -وهو معنى المضارع التالي: "حتى"- يتحقق ويحصل فعلا أول مرة في الوقت الذي يتكلم فيه المتكلم بالجملة؛ فزمن النطق والشرب واحد؛ هو: الزمن الحالي، وهو الذي يجمع بينهما. ومثل: "يسمع الطبيب دقات القلب الآن حتى يعرف أمره. ويجس نبض المريض حتى يسترشد به في معرفة الداء". بشرط أن يقال هذا في وقت استماع الطبيب للدق، وجس النبض. ومثل: "أشاهد العواصف تشتد الساعة حتى تقتلع الأشجار، وتزداد شدة وعنفا حتى تهدم البيوت، وتغرق السفن، وتسقط الطائرات" ... بشرط أن يكون الزمن الذي يتحقق فيه معنى الأفعال المضارعة التالية "حتى" في كل ما سبق هو زمن النطق بالكلام، فكأن الناطق بالمضارع الحالي الزمن يقول: الأمر الآن كذا وكذا، أي: شأنه في الحال القائمة كذا وكذا ...

فالمضارع في الأمثلة السالفة -وأشباهها- مرفوع وجوبا٣. و"حتى" حرف ابتداء، يدل على أن الجملة بعده جديدة مستقلة عما قبلها في الإعراب دون المعنى؛ إذ لا بد من اتصالها فيه -كما عرفنا.

ولا مانع أن يستمر معنى المضارع الحالي الزمن؛ فيمتد وقته بعد انتهاء


١ في هامش ص٣٣٣.
٢ أوضحنا في هامش ص٣٣٣ المراد من أنه "أول مرة"، بأن يتحقق المعنى وقت الكلام فعلا، وأنه لم يكن قد تحقق قبله، أما إذا تحقق قبله وأريد إنزاله منزلة ما يتحقق وقت الكلام فإنه يكن حالا مؤولة -كما سيجيء في الصفحة التالية.
٣ سيجيء في ص٣٤٩ أنه لا يصح نصبه بأنه المضمر؛ لأنها تخلص زمن المضارع للاستقبال، والاستقبال يعارض الحال..

<<  <  ج: ص:  >  >>