للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النطق بالجملة المشتملة على: "حتى" وإنما الممنوع أن ينقضي معناه قبل النطق بكلمة "حتى"؛ فيكون ماضي المعنى. أو أن يتأخر بدء تحققه إلى ما بعد النطق بها والفراغ منها؛ فيكون تحققه في زمن مستقبل حقيقي بالنسبة لها؛ إذ يتحقق بعد الانتهاء من التكلم بجملتها.

أما الحال المؤولة "أو: المحكية" فلها صورتان، لا بد في كل منهما من قرينة تدل على حكايتها.

الصورة الأولى: الزمن الماضي المؤول بالحال، وهو الذي يكون فيه معنى المضارع قد تحقق وانتهى فعلا قبل النطق بالجملة، وكان المناسب أن يذكر الفعل بصيغة الماضي، ولكنه يعاد ذكره بصيغة المضارع بقصد حكاية الحال١ لماضية التي ترشد إليها القرينة -بالطريقة التي شرحناها٢..

وفي هذه الصورة التي يكون فيها زمن المضارع حالا١ ماضية ولكنها مؤولة -يجب رفعه، وتكون "حتى" ابتدائية؛ كما وجب رفعه في الزمن الحالي حقيقة وكانت فيه "حتى" ابتدائية أيضا.

ومن أمثلة الحال الماضية المؤولة أن يقول أحدنا اليوم "هذا زهير الشاعر الجاهلية، يراجع قصيدته حتى تجود بعد حول في مراجعتها؛ فيذيعها، ولذا تسمى قصائده: "الحوليات" ... ". فمعنى المضارع -وهو الجودة بعد الحول- أمر فات حقا قبل النطق بكلمة: "حتى" وبجملتها. كفوات المراجعة. وزمن الأمرين في حقيقته ماض، ولكن التحدث عنهما بصورة المضارع -قصد به حكاية ما مضى، وإرجاع ما فات، على تخيل أنه يقع الآن -في وقت الكلام- أو على تخيل أن المتكلم قد ترك زمانه الذي يعيش فيه، ورجع إلى الزمن السالف الذي يتحقق فيه المعنى أمامه ساعة النطق، وكأنه من أهل ذلك العصر القديم. ووجود الرفع هنا يعتبر الدليل على الحكاية٣، وعلى ما يترتب عليها من أثر معنوي.


١ و١ أي: الحالة، أو: الحادثة.
٢ في هامش ص٣٣٣. وهناك -وكذا في ص٣٤٨- العلامة التي تدل على أن الماضي محكي الدلالة الزمنية.
٣ في هامش الصفحة التالية ما يزيد "حكاية الحال الماضية" وضوحا. أما أثرها المعنوية الذي ذكرناه فيزداد بيانا بما في رقم ١ من هامش ص٣٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>