للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل هذا يقال في خوض المعركة، وفي بلوغ الأمنية، فكلاهما ماضي المعنى قد فات وقته حقا، إلا أن خوض المعركة أسبق في المضي من بلوغ الأمنية، فكان بلوغ الأمنية -بسبب تأخر زمنه- مستقبلا بالنسبة لخوض المعركة.

وجواز الفرع والنصب في هذه الحالة وأشباهها قائم على أساس التأويل؛ فالرفع على تخيل زمن المضارع حالا مؤولة افتراضا، من غير حكاية؛ لأن المضارع الذي للحال المحكية يجب رفعه -كما تقدم-١ والنصب إما على اعتباره مستقبلا بالنسبة للمعنى الذي قبل "حتى"، لا بالنسبة لزمن التكلم. وإما على اعتبار العزم والنية على تحقيق معنى المضارع قبل وقوع معناه.

وفي صورة رفعه تكون "حتى" ابتدائية، وفي صورة نصبه تكون جارة والمضارع بعدها منصوب بأن المضمرة وجوبا -كما أسلفنا.

ومن الخير عدم استعمال هذه الصورة القليلة التي يصح فيها الأمران١، وإهمالها قدر الاستطاعة.

فملخص الحالات الثلاث الخاصة بالمضارع الواقع بعد "حتى"، هي:

أ- وجوب رفعه واعتبار "حتى" ابتدائية -إذا كان زمنه للحال حقيقة أو تأويلا٢، وكان مسببا عما قبله، وفضله. فوجوب الرفع لا يتحقق إلا باجتماع هذه الشروط الثلاثة.

ب- وجوب نصبه بأن مضمرة وجوبا بعد "حتى" مع اعتبار "حتى" حرف جر، إذا كان زمن المضارع ماضيا حقا، أو مستقبلا استقبالا حقيقيا


١ و١ التفرقة دقيقة بين هذه الصورة والحال المؤولة، ولهذا اعتبرهما -بحق- فريق من النحاة شيئا واحدا، وخالف بعض المحققين: بأن حكاية الحال المؤولة توجب الرفع، وتفيد معنى هاما لا يستفاد من غيرها، وقد شرحناه في الصفحات الماضية "كالذي في رقم ١ من هامش ص٣٤٤".
أما تأويل المضارع الذي ليس للحال بالحال من غير قصد حكاية فيجيز الأمرين ويفيد المعنى نوع تقوية يجعله قريبا من المحكي في أنه بمنزلة الأمر المحقق الآن. وفي كل هذا تشعيب وتكلف يجعل الرأي الذي يرفض هذا النوع هو الرأي الأنسب، بالرغم من صحة الرأي الآخر.
٢ وكلاهما بمعنى: الآن "أي: الحال ووقت الكلام".

<<  <  ج: ص:  >  >>