٢ لكي يكون المعنى -في هذا المثال وأشباهه- غاية في الوضوح نلاحظ عند استخلاصه الأمور الآتية التي تشترك في تكوينه، والتي سيجيء تفصيل الكلام عليها بعد قليل، وأهمها: أ- أن فاء السببية هي للعطف أيضا؛ فتفيد الترتيب والتعقيب مع السببية. ب- أن المعطوف بها هو المصدر المؤول من "أن" المضمرة وجوبا وما دخلت عليه. ج- أن المعطوف عليه لا بد أن يكون مصدرا مؤولا كذلك. ولا بد أن يكون موجودا، ولو من طريق التصيد. د- أنها إذا وقعت بعد نفي فقد يكون المنفي هو ما قبل الفاء وما بعدها معا؛ كما في المثال الأول ... ، وقد يكون أحدهما وحده؛ "طبقا للبيان الهام الأساسي الذي يأتي في ص٣٥٩" والاهتداء إلى المنفي أمر ضروري لسلامة المعنى. وتطبيقا لهذه الأمور نقول في المثال الأول لاستخلاص معناه: لا يكون من العاقل غضب ففقد صواب الرأي -أي: لا يكون من العاقل غضب يعقبه ويتسبب عنه فقد صواب الرأي. ولما كان السبب "العلة" وهو: غضب العاقل منفيا وجب أن يكون المسبب عنه منفيا كذلك، وهو فقده صواب الرأي: وبهذا يكون النفي منصبا على ما قبل الفاء وما بعدها معا، وينتهي الأمر إلى المعنى المراد هو: لا يغضب العاقل؛ فلا يفقد صواب الرأي. وهكذا الباقي.