للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل بين فاء السببية والمضارع بغير "لا" النافية، إن اقتضى المعنى وجودها.

ولا تكون هذه "الفاء" للسببية الجوابية إلا بشرط أن يسبقها -في الأغلب-١ أحد شيئين؛ "إما النفي المحض، أو ما ألحق به"، "وإما الطلب المحض، أو ما ألحق به"١. فإن لم يسبقها شيء مما تقدم لم يصح -في الأغلب-٢ اعتبارها سببية جوابية. وفيما يلي التفصيل الخاص بهذا الشرط:

النفي المحض، وما ألحق به:

أ- المراد من النفي: سلب الحكم عن شيء بأداة معينة٣. وهذه الأداة النافية قد تكون حرفا؛ "مثل: لا، ما، لم، لن ... " وقد تكون فعلا، "مثل: ليس، زال" ... وقد تكون اسما؛ "مثل: غير ... " نحو: لا يهمل الصانع فيقبل على صناعته الناس - ليس الأحمق مأمونا فتصاحبه - الأديب الظريف غير حاضر فيؤنسنا.

ويلحق بالنفي: التشبيه المراد به النفي بقرينة دالة عليه، كقول الجندي لزميله المتكبر: "كأنك القائد فنطيعك" ... وكذا التقليل المراد به النفي -أحيانا- بقرينة؛ ومن ألفاظه: "قلما" و"قد"؛ نحو: "قلما يشبع الظلم والخلاف في أمه فتنهض. بهذا خبرنا التاريخ، وقطع به" - "أيها المتحدث


١ و١ قد يلحق به "تقديرا" بعض صور أخرى يجيء الكلام عنها في ص٣٧٢.
٢ هذا الشرط واجب في أغلب الحالات؛ لأن هناك ست حالات أخرى يجوز في كل منها اعتبار الفاء سببية مع فقد الشرط. وستجيء في ص٣٧٢. ولا بد -مع تحقق هذا الشرط- من تحقق الأحكام العامة أيضا؛ وهي التي سبقت في رقم ٢ من هامش ص٣١٧.
٣ المراد من النفي معروف شائع. ولكن الشراح -كعادتهم- يتناولونه بالتعريف والتحديد: فيقولون عنه: إنه سلب الحكم عن الشيء، أو: رفع النسبة الثابتة بين شيئين، أو إزالة الإسناد الموجب بينهما ... أو.. وكل هذه التعريفات -وغيرها- يرمي إلى غرض واحد؛ هو سلب الحكم الموجب ويوضحونها بما يأتي: من قال: "محمود عادل" فقد أثبت له العدل، أو: نسب له العدل، أو أسند إليه العدل، أو حكم عليه بالعدل ... وكلها عبارات متحدة المدلول. فإذا قال: ما محمود عادلا. فقد سلب عنه ما ثبت له، أو أزال ما نسب إليه، أي: أزال النسبة السابقة، أو ما أسند إليه، أو رفع الحكم السابق ...
هذا، وفي الأمثلة التالية توضيح ما سبقت الإشارة الهامة إليه؛ "في. "د" من هامش ص٣٥٢" وهو أن النفي قد يكون منصبا على ما قبل الفاء وما بعدها معا، وقد يكون منصبا على أحدهما فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>