للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الشجاعة في الحروب، وما حملت سيفا، ولا اقتحمت معركة؛ قد كنت في معركة فتصفها" ... فالمعنى في الأمثلة السالفة منفي؛ أي: ما أنت بالقائد فنطيعك -لا يشيع الظلم والخلاف في أمة فتنهض- ما كنت في معركة فتصفها١..

ب- والمراد بالمحض؛ الخالص من معنى الإثبات؛ فلا يوجد في الكلام ما ينقض معناه، مثل: "إلا الاستثنائية" التي تنقض النفي١، ومثل نفي آخر بعده يزيل أثره، ويجعل الكلام مثبتا؛ لأن نفي النفي إثبات، كما هو معروف. ومن أمثلة النفي المحض: لا يسقط المطر في الصحراء فينبت الكلأ ... ، وكذا الأمثلة التي تقدمت في أول البحث.

فإن نقض النفي بإلا الاستثنائية، وكانت قبل فاء السببية، لم يصح نصب المضارع ووجب رفعه، على اعتبار هذه الفاء للاستئناف، أو للعطف المجرد٢، وليست للسببية؛ نحو: لا يشاهد الخبير أعمالا إلا المشروعات العظيمة؛ فيعلن رأيه فيها -لم أشتر مطبوعات إلا الكتب النافعة؛ فأستوعبها- ما اكتسبت مالا إلا المال الحلال فأنفقه.

أما إن نقض النفي "بإلا" الاستثنائية، وكانت بعد الفاء والمضارع ... فيجوز في المضارع الرفع والنصب٣؛ نحو: لا يشاهد الخبير أعمالا فيعلن رأيه فيها إلا المشروعات العظيمة -لم أشتر مطبوعات فأستوعبها إلا الكتب النافعة- ما اكتسبت مالا فأنفقه إلا المال الحلال. وقول الشاعر:

وما قام منا قائم في ندينا ... فينطق إلا بالتي هي أعرف٤

فيجوز في كل هذه الأفعال المضارعة -ونظائرها- الرفع والنصب٥ ...


١ و١ وهي تنقض النهي أيضا -كما سيجيء عند الكلام عليه في ص٣٦٧.
٢ وكلاهما يعينه المقام، وما يقتضيه المعنى.
٣ هذا عند سيبويه ومن وافقه. أما ابن مالك وموافقوه، فيوجبون الرفع. وفي رأي سيبويه تيسير يدعو لتفضيله.
٤ أحسن وأفضل.
٥ وينبني على نقض النفي "بإلا" قبل "الفاء"، أو بعدها ما يأتي: إذا قلت: ما زارني أحد إلا الوالد فأكرمه ... فإن كان الضمير "الهاء" عائدا على: "أحد" جاز رفع المضارع أو نصبه؛ لوقوع النقض بعد "الفاء" وما دخلت عليه، والأصل: ما زارني أحد فأكرمه إلا الوالد. وإن كان الضمير عائدا على "الوالد" وجب الرفع: لوقوع النقض قبل "الفاء" وما دخلت عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>