للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الطلب، فإن الطلب معه يجيء من طريق تبعي؛ أي: من طريق غير مباشر، إذ يلزم من تمنى الشيء طلب مجيئه ... ، وكذلك العرض والحض وغيرهما من بقية أنواع غير المحض؛ فإنها تدل على الطلب من ذلك الطريق الضمني، غير المباشر، بخلاف الثلاثة المحضة: "الأمر، والنهي، والدعاء" فإنها صيغها صريحة فيه؛ كما أسلفنا١ ...

"ملاحظة": إذا لم توجد "فاء السببية" قبل المضارع الذي يستحق النصب بها، إما لأنها لم توجد أصلا، وإما لسقوها وزوالها بعد وجودها ... ، فإن حكم هذا المضارع يتغير؛ فيجزم على حسب البيان الخاص الذي سيجيء كاملا في بحث مستقل٢.


١ وفي الكلام على "فاء السببية" يكتفي ابن مالك ببيت واحد هو:
وبعد "فا" جواب نفي أو طلب ... محضين "أن" وسترها حتم نصب
وتقدير البيت: و"أن"، نصب بعد "فا" جواب نفي أو طلب محضين. وسترها حتم. "ويلاحظ أنه -كعادته- استعمل "أن" بمعنى "الحرف" أولا، ثم عاد فاستعملها بمعنى الكلمة، وأعاد الضمير عليها في الأولى مذكرا، وفي الثانية مؤنثا. والأمران صحيحان -انظر آخر هامش ص٢٨٩ ورقم ١ من هامش ص٢٨١. والمعنى: "أن" مستترة "حتما بعد فاء السببية التي في صدر كلام يقع جوابا لنفي محض، أو طلب محض. وفي هذا الكلام نقص واضح؛ إذ لم يتعرض لأنواع النفي، وأحكامها، وشبه النفي. واقتصر في الطلب على المحض من غير تفصيل ولا إبانة، ثم عرض أبياتا تتعلق بحرف آخر غير فاء السببية؛ هو: "واو المعية" ثم رجع للكلام على فاء السببية بعد الرجاء فقال البيت السابع عشر:
والفعل بعد "الفاء" في الرجا نصب ... كنصب ما إلى التمني ينتسب-١٧
يريد: أن المضارع بعد فاء السببية الواقعة في جواب الرجاء ينصب بأن مضمرة وجوبا؛ كنصب المضارع بها إذا كان منتسبا للتمني؛ أي: جوابا للتمني؛ بأن كان بعد الفاء المسبوقة بالتمني، فكما ينصب بعد هذا ينصب بعد ذاك. "وستجيء إشارة لهذا البيت بمناسبة أخرى في هامش ص٣٩٧".
٢ في ص٣٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>