للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه من الجملة المضارعية -معطوف على مصدر مذكور أو متصيد قبلهما. وهذا على الرأي الشائع الذي يخالف فيه بعض المحققين١ ويقول: إن هذه الواو التي تفيد المعية ليست عاطفة، وهو بهذا يوافق الكوفيين "ويسمونها: واو الصرف" وحجته: أن العرب إذا أرادوا بالواو معنى المعية والمصاحبة أتوا بالمضارع بعدها منصوبا ليصرفوه عن المألوف؛ فيكون صرفه هذا قليلا على أنها للمعية والمصاحبة، ومرشدا من أول الأمر إلى أنها لإفادة اجتماع أمرين في زمن واحد، وليست للعطف٢.

ويختلفان في خمسة أمور:

أولها: أن نصب المضارع بعد فاء السببية متفق عليه بعد أنواع الطلب السبعة، لورود السماع بأمثلة كثيرة لكل نوع تبيح القياس عليها. وأما الثامن "وهو الترجي" فيقع فيه وحده الخلاف، والصحيح أنه كبقية الأنواع في وجوب نصب المضارع الواقع في جوابه بعد فاء السببية، وأن ناصبه هو "أن" المضمرة وجوبا.

في حين يخالف بعض المحققين يف أن يكون وقوع "الدعاء، والعرض، والتحضيض، والترجي"، قبل واو المعية موجبا للنصب، فهو يمنع اعتبارها للمعية كما يمنع نصب المضارع إذا سبقه واحدا من الأربعة المذكورة؛ بحجة عدم ورود السماع بأمثلة متعددة لكل منها تكفي للقياس عليها.

ثانيها: الأصح في فاء السببية أنها حرف عطف يفيد الترتيب والتعقيب مع


١ كالرضي.
٢ ومع أنها عنده للمعية الخالصة وليست للعطف -يعتبرها إما واوا للحال، وأكثر دخولها على الجملة الاسمية: فالمصدر المؤول بعدها في تقدير مبتدأ خبره محذوف وجوبا، فمعنى: قم وأقوم، قم وقيامي ثابت. أي: قم في حال ثبوت قيامي. وإما بمعنى: "مع"، أي: قم مع قيامي. وذلك كما قصدوا في المفعول معه مصاحبة الاسم للاسم، فنصبوا ما بعد الواو. ولو جعلت الواو عاطفة للمصدر على مصدر سابق لزال التنصيص على معنى الجمع ...
وقد قامت على هذا الراي اعتراضات كثيرة، واجهتها ردود كثيرة أيضا. ولا حاجة بنا إلى شيء من هذه أو تلك؛ لاعتمادها -في الغالب- على الجدل المجرد. وغاية ما نقوله: إن اعتبار الواو لمجرد المعية هنا يريح من العطف وما يقتضيه -أحيانا- من تصيد المصدر المعطوف عليه حين لا يكون في الكلام السابق مصدر مذكور. ولولا اعتبارات أخرى قوية "كالتي سنذكرها في "ب" من ص٤٠٣" لكان هذا الرأي وحده هو المستحسن في جميع حالات فاء السببية أيضا فلا نعدها حرف عطف، طبقا للمذهب الكوفي الذي يقصرها على السببية، ويمنع أن تكون عاطفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>