للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحده أو لا يقع. وقد يحصل التكلم وحده أو لا يحصل، وقد يقع الأكل والتكلم ولكن في وقتين مختلفين، أو لا يقعان مطلقا ... فلا يمكن القطع بأحد هذه الأشياء إلا بقرينة خارجة عن الجملة.

ومن يقول: لا أكتب وألوث أصابعي "بنصب: "ألوث" فإنما ينفي اجتماع الأمرين معا في وقت واحد، وهما الكتابة، وتلويث الأصابع. فالنفي شامل ما قبل واو المعية وما بعدها مجتمعين، يسلط عليهما في زمن اصطحابهما وتلاقيهما، ولا ينصب على أحدهما دون الآخر. أما المعنى عند عدم اصطحابهما فمسكوت عنه، متروك حكمه، لا صلة للنفي به، فقد تكون الكتابة وحدها منفية أو غير منفية، وقد يكون تلوث الأصابع وحده حاصلا أو غير حاصل.. وقد يكون الاثنان غير حاصلين، وقد يحصلان في زمنين مختلفين ... فكل هذه أمور يعرض لها الاحتمال، ولا سبيل للقطع بأحدهما إلا بقرينة أخرى.

وكذلك من يقول: لا تمش وتكتب ... -أو لا تخطب وتجلس ... - أو: لا تظلم الضعيف وتخاف القوي ... بنصب المضارع بعد الواو المسبوقة بالنهي في هذه الأمثلة وأشباهها فإن النهي فيها مسلط على ما قبل الواو وما بعدها مجتمعين في وقت واحد، ولا ينصب على أحدهما دون الآخر، فكلاهما وحده مسكوت عنه، مهمل أمره؛ لا دليل للقطع بأنه منهي عنه وحده أو غير منهي عنه، ولا منهي عنه مع الآخر في زمنين مختلفعين.. فالقطع بأحد هذا الأمور متوقف على قرينة خارجة عن الجملة؛ توجه لأحدهما دون الآخر.

أما النهي والنهي قبل فاء السببية فقد بسلطان على ما قبلها وما بعدها معا، أو على ثانيها فقط -كما سلف١.

هذا، وما قيل عن النفي والنهي يقال في محلقات الني وفي سائر أنواع الطلب بنوعيه؛ حيث يسري -في وقت واحد- على ما قبل الواو وما بعدها معنى النفي أو الطلب، ويشملهما هذا المعنى مصطحبين مجتمعين في زمن واحد٢ ...


١ في ص٣٥٩.
٢ في الكلام على "واو المعية" يكتفي ابن مالك ببيت واحد؛ هو:=

<<  <  ج: ص:  >  >>